: آخر تحديث

رسالة المناهج صناعة العقول

4
4
4

قلتُ للقلم: منذ عقود وأنت تتناول المناهج وقضاياها التربويّة، فما هي العقدة التي تراها مستعصيةً على الحل في العالم العربي؟ قال: إن العقل العربي مفتون بالمثل الفرنسي: «المسائل بسيطة، فلمَ لا نعقّدها؟» للأسف، ما أدمنته أنظمة التعليم العربية، هو بالضبط عكس ما تتطلع إليه البلدان. تقضي مراحلُ التعليم ست عشرة سنةً، في سبيل تخريج موظفين في نهاية المطاف: موظفي طب، هندسة، لغة وأدب، سياسة، اقتصاد إلخ. هم لم يتساءلوا طوال أكثر من قرن، عن أسباب إخفاق السبل التنموية، وعلل الفوارق الطبقيّة في المعارف والعلوم، التي حالت دون التحاق أغلبية العرب، بالدول المتقدمة.بالمختصر: من أراد الحصول على تأشيرة العصر، فعلى مناهجه إعداد عقول تفكّر وتبدع، وأدمغة تبتكر وتكتشف وتخترع. باب الجدل مغلق، فالتنميات المتعثرة ظاهرة، «وليس يصحّ في التضليل شيءٌ.. إذا احتاج الظلام إلى دليلِ». قد يرى البعض أن من الغش الاستدلالي، عدم تحميل أنظمة طبائع الاستبداد، مسؤولية التلكّؤ التنموي، الكرة المرتدّة تتمثل في القضية التي أغفلوها وأهملوها، وهي تكوين العقول وإعداد الأدمغة. عندما تعمل أنظمة التعليم على تشييد العقل الناقد، عقل التجربة والاختبار، عقل البحث العلمي في جميع تفرعات الأدبي والعلمي، فستكون الغاية مثل رباعية كونفوشيوس: «الفرد الجيد يصنع الأسرة الجيّدة، والأسرة الجيدة تصنع المجتمع الجيّد، والمجتمع الجيّد يصنع الدولة الجيّدة».نفوس العالم العربي أربعمئة مليون. كم عدد خريجي العلوم السياسية والاجتماعية والاقتصادية؟ هل يعقل أن تكون تلك الكفاءات والطاقات بلا وزن أمام تحديات أحجار الدومينو؟ وكم عدد خريجي العلوم البحتة والتطبيقية، من رياضيات وفيزياء وكيمياء وبيولوجيا؟ فكيف لم يتقدم جُلّ البلاد العربية، ولو خطوات متواضعة في تأسيس مراكز البحث العلمي؟ يجب أن يسري البحث العلمي في شرايين المواد المقررة في المناهج، ويغدو في صميم الخلايا الدماغية وتشابكاتها العصبية، لدى التلاميذ منذ الابتدائية، إن لم يكن قبلها في الحضانة.عجيب ذلك النحوي، مات وفي نفسه شيء من حتى. اليوم يموت الناس في غزّة، وفي نفوسهم أن يأكلوا سمكةً حتى رأسُها، حتى رأسَها، حتى رأسِها. كما ماتت، وقد تموت أجيال من العرب، وفي نفوسها شيء من محو الأمّية في أمّة «اقرأ»، شيء من حماية الأوطان من الذوبان والطيران، شيء من المهارات في الشطرنج، لا الانهيارات في الدومينو.لزوم ما يلزم: النتيجة التسابقية: ماذا لو نظمت «المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم»، مسابقةً عربيةً في تطوير التعليم. عندها تكسو الألكسو المناهج بأبهى حلّة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد