: آخر تحديث

لكيلا تضيع سوريا من جديد

2
2
2

خالد بن حمد المالك

لم تكن السويداء السورية وحدها من كانت تحت الضغط الإسرائيلي في تدخل منها في شؤون سوريا الداخلية، وخلق أزمة بينها وبين دمشق، وإنما امتد إلى جر سوريا كلها إلى مواجهة مع إسرائيل لتوسيع عدوانها، وعدم الاكتفاء بضرب مقر الرئاسة السورية ووزارة الدفاع وهيئة قيادة أركان الجيش ومناطق أخرى.

* *

ولم يأت التدخل العسكري الإسرائيلي لحماية الدروز السوريين كما تدعي تل أبيب، وإنما لاستغلال أحداث السويداء لإعطاء المبرر لإشعال الفتنة وخلق الفوضى، والدفع بسوريا نحو المجهول، كما هي سياسة إسرائيل مع كل جيرانها ودول المنطقة.

* *

من أولويات إسرائيل وأهدافها، احتلال بعض الأراضي السورية، والدفع بها إلى التقسيم، وجعلها في حالة حروب بين طبقات الشعب، وصولاً إلى تجهيز البلاد لتكون ساحة لحرب أهلية لا تخدم أحداً سوى العدو الإسرائيلي، وما حدث في السويداء ويحدث في مناطق سورية أخرى إنما هي مؤشرات للمخطط الإسرائيلي الذي يهدف إلى تقسيم سوريا إلى مجاميع تحارب بعضها بعضاً.

* *

وبعد كل ما حدث من قتل وتخريب، وتدخل إسرائيلي سافر، تم التوصل لوقف إطلاق النار بين الجيش السوري والفئات المسلحة، وبموجبه انسحب الجيش من السويداء، وبالتالي توقف العنف، ومنع التدخل الإسرائيلي، وظهرت الحاجة إلى أهمية التعاون بين جميع المكونات السورية.

* *

وكما صرح الرئيس السوري فإن السوريين لن يسمحوا بجر سوريا لحرب جديدة، وأن الدروز جزء من نسيج الوطن، وحمايتهم أولوية، بما لا يعطي الشرعية لإسرائيل أو الحق في الدفاع عن الدروز السوريين أو حمايتهم، فيما هي من تفتعل الأزمة ضدهم.

* *

ومع انسحاب الجيش السوري من السويداء تطبيقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، فلم يعد للفصائل المسلحة حجة أو مبرر للإخلال بالأمن، وتعريض المدنيين للخطر، فيما أن الوحدة هي سلاح سوريا في مواجهة هذه التحديات، وهي الضمانة لمنع إسرائيل من العبث بالبلاد.

* *

ولابد من التنويه بموقف المملكة المبكر في التنديد بالتدخل الإسرائيلي، والعدوان على سوريا، وتواصل وزير خارجية المملكة مع وزير خارجية تركيا ودول أخرى للعمل على تطويق الأزمة، وإحلال الأمن والاستقرار في السويداء، والحيلولة دون استمرار الاعتداءات الإسرائيلية.

* *

على أن خلق البيئة للصراعات هي سياسة إسرائيلية بامتياز، وقد اعتدنا عليها، وهي ما تقوم به حالياً في سوريا، فعلى السوريين عدم تمكينها من ذلك، وهذا يتطلب التغلب على أسباب ما حدث في السويداء، ومعالجته على نحو يوحد السوريين ولا يفرقهم، ويمنع تكرار ما حدث بتطبيق بنود الاتفاق لوقف إطلاق النار.

* *

لقد عانت سوريا طويلاً من نظام بشار الأسد، وتعريض المواطنين خلال فترة النظام البائد للظلم والقهر والحرمان بما ينبغي أن يكون دافعاً لتعود سوريا دولة حرة وذات سيادة وتحتكم إلى قوانين المساواة والعدل، وتودع الحروب والنزاعات والخلافات، ويكون الجميع تحت مظلة الدولة، وحكومتها هي المرجعية لهم.

* *

إسرائيل لا تمارس عدوانها على سوريا فحسب، وإنما تقوم بما يخالف القوانين الدولية في عدة جبهات بينها سوريا وقطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، وتهدد دولاً أخرى بأنها ضمن قائمة استهدافاتها، وأنها على موعد مع العدوان عليها، وليس واضحاً متى سوف يتم ردع هذه الدولة المعتدية، وإلى متى سوف يتواصل التسامح مع هذه القوة الغاشمة التي لا تعترف بالقوانين الدولية الملزمة؟!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد