خالد بن حمد المالك
من الواضح أن نتنياهو لا يريد وقف مجازره ضد الفلسطينيين، وأنه يراهن على الوقت في قبول حركة حماس لشروطه، دون أن يحصلوا على ثمن لها، وقد تأكد ذلك من موقفه في المفاوضات الحالية، وما قبلها من مفاوضات.
* *
وبهذا، فرئيس وزراء إسرائيل يبيع الكلام على ذوي الرهائن، ويعدهم بتحرير الرهائن، لكنه عجز عن تحقيق وعده لهم رغم مضي أكثر من عام ونصف العام على حرب الإبادة، ما يؤكد أنه يضحي بالرهائن مقابل أن يرفع من عدد القتلى بين المدنيين الفلسطينيين في القطاع.
* *
والورقة الأمريكية هي ورقة إسرائيلية محروقة بصيغتها الحالية، وإذا نظر إلى ما تعنيه الهدنة لشهرين بعد الإفراج عن الرهائن، واستمرار الاحتلال الإسرائيلي، وعدم التخلي عن الحرب ما لم تحقق تل أبيب أهدافها، وبينها هزيمة حماس، وتجريدها من السلاح، وحرمانها من إدارة القطاع، وسيطرة إسرائيل على القطاع، والتحكم بالمعابر ليكون وصول الغذاء والدواء مشروطاً بقرار من إسرائيل.
* *
وحتى الآن لا تزال المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس عبر الوسطاء متعثرة، ويحاول نتنياهو أن يلقي بالأسباب على حركة حماس، لأنها لا تستجيب لشروط إسرائيل التي نصت عليها الورقة الأمريكية، والتي سوف تلحق الضرر بالفلسطينيين دون تعديل جوهري عليها، لا شكلياً.
* *
هناك ضغوط على حماس لإظهار المرونة والتجاوب أمام بعض التعديلات، وضغوط على إسرائيل من ذوي (الأسرى) ومن العالم أمام الجرائم اليومية التي تقوم بها إسرائيل لقتل أعداد هائلة من المدنيين دون مبرر، ولا يزال الموقف من العدوان الإسرائيلي على ما هو عليه ودون تغيير.
* *
إصرار إسرائيل على السيطرة على محور موراغ أمام رفض حماس يمثِّل إحدى نقاط الخلاف بين حماس وإسرائيل، وهو إن قبلت به حماس، فهو استسلام له تبعاته على مستقبل غزة، لكن لا أعتقد أن حركة حماس سوف تتنازل عن مطالبها بإعادة النظر في انتشار الجيش الإسرائيلي، وإصرارها على أن تكون هناك خرائط جديدة توضح أن يكون انتشار الجيش الإسرائيلي باتجاه الحدود.
* *
انهيار المفاوضات مرجح بنسبة كبيرة ما لم يتغير الموقف الإسرائيلي، لأن المقترح الأمريكي يمكِّن إسرائيل من تحرير رهائنها، مع استمرار احتلالها لقطاع غزة، أي أنها سوف تأخذ ما عجزت عنه بالحرب بالحصول عليه وفق مقترح أمريكا، بينما لا تغيير في الموقف الإسرائيلي من الاحتلال وارتكاب الجرائم والمجازر.
* *
ولتفادي انهيار المفاوضات فعلى إسرائيل القبول بإعادة تموضع الجيش على الحدود، أمام إصرار حماس على عدم القبول بما يوفره المقترح الأمريكي لها، وعدم إصرار إسرائيل على طلبات لا تساعد على منع فشل المفاوضات، وبالتالي تعريض الرهائن للموت، بينما هناك فرصة لتحريرهم، وبتحقيق بعض شروط حماس كثمن للترضية أمام موافقتها على التنازل عن استمرارها باحتجازهم.
* *
وأكبر خطأ ترتكبه إسرائيل حين تصر على التمسك بما ورد في المقترح الأمريكي، وبالتالي عدم تليين موقفها خلال المفاوضات، والتهديد باستخدام القوة إذا لم تنته المفاوضات بنجاح، وهذا التهديد يدخل ضمن أهدافها المخفية، والتي لا تبتعد كثيراً عن نيتها باحتلال غزة، وضمها إلى الكيان الإسرائيلي المحتل.
* *
ومع أن حماس خسرت الكثير من أوراق قوتها، إلا أنها ما زالت تحتفظ بورقة الرهائن، وهي الورقة الأهم المتبقية تحت سيطرتها، ويعرف الإسرائيليون أنهم عاجزون وليس لديهم القدرة على تحريرهم ومنع قتلهم، لهذا تأخذ المفاوضات أهميتها وحذر إسرائيلي من فشلها، خاصة وأن الإسرائيليين يجمعون على أن نتنياهو وحكومته يفضلون قتل الفلسطينيين على تحرير هؤلاء الرهائن، ويسعون لمواصلة الحرب حتى مع إبقاء حياة الرهائن تحت رحمة حماس.