منذ أيام زار السفير الصيني لدى المملكة السيد هوا تشانغ جريدة "الرياض"، واستقبله رئيس التحرير الأستاذ هاني وفا، وخلال الزيارة أشاد السفير الصيني بالعلاقات المميزة التي تربط بين المملكة وجمهورية الصين الشعبية، وحرص قيادتي البلدين على تعزيزها في شتى المجالات، منذ زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- إلى جمهورية الصين الشعبية عام 2017م، والتي كان لها عظيم الأثر في توسيع مجالات التعاون بين البلدين في عدد من المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية وغيرها، وزيادة التعاون بين البلدين في المجالات ذات الأولوية، مثل المشروعات الاقتصادية والصناعية والبنية التحتية.
وإلى جانب الزيارة التي شهدتها جريدة "الرياض" شهدنا حراكاً ثقافياً متبادلاً، حيث استقبل مركز البحوث والتواصل المعرفي وفدًا رفيع المستوى من المركز الصيني العربي لدراسات التعاون الثقافي والسياحي التابع لجامعة بكين للدراسات الدولية، وجرى توقيع اتفاقية تعاون مشترك بين المركز ومعهد الصين والدول العربية للدراسات بجامعة نينغشيا، بهدف دعم التبادل الأكاديمي، وتنظيم الندوات والمؤتمرات العلمية، وتيسير زيارات الباحثين وأعضاء هيئة التدريس، إضافة إلى إطلاق مشاريع ترجمة مشتركة تخدم تطوير الأدوات المعرفية حول العلاقات السعودية الصينية.
كما تم اختيار عام 2025م لإقامة العام الثقافي السعودي الصيني وفقاً لاتفاقية تم توقيعها عام 2024م بين وزارة الثقافة السعودية ووزارة السياحة والثقافة الصينية؛ للتعريف بالإرث الثقافي والحضاري للمملكة وجمهورية الصين الشعبية، من خلال تنظيم الفعاليّات والمهرجانات الثقافية والسياحية، إضافة إلى تنفيذ أنشطة وبرامج ثقافية مشتركة لتسليط الضوء على عمق العلاقات الثقافية السعودية الصينية.
وقد كان من الجميل أن تنظم مؤسسة الفن النقي، بالتعاون مع سفارة جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة المعرض الفني "ترانيم السكون في رحاب الطبيعة" للفنان الصيني شو لي، والذي يستمر حتى 25 يوليو 2025م، حيث يشكل هذا تجسيدًا لدور الفن كجسر ثقافي يربط بين الشعوب، من خلال أعمال فنية تحتفي بجمال الطبيعة وهدوئها وتقدم تجربة فنية تثري الحوار الثقافي وتعزز العلاقات بين الشعبين.
وجاء اختيار أعمال هذا الفنان الذي أصدر أكثر من عشرين كتالوجا شخصيًا لما تميزت به لوحاته من المزج بين التقنيات الكلاسيكية في الفن الصيني والتعبير المعاصر، إذ تعكس برك اللوتس الهادئة، والجبال الضبابية، والمشاهد السحابية الحالمة في لوحاته، جمالا هادئاً يتقاطع مع جمال الطبيعة المتنوعة لدينا في المملكة.
وكما هو معروف للجميع فإن المملكة وجمهورية الصين الشعبية دولتان لهما ثقل ومكانة دولية ودور ريادي وقيادي على المستوى الإقليمي والعالمي، وتربطهما شراكة استراتيجية شاملة، وكلاهما أعضاء في العديد من المنظمات الدولية وضمن مجموعة العشرين، ولا شك أن تنشيط التعاون القافي بين البلدين سيكون له أثره المهم خلال السنوات المقبلة، فالثقافة هي الترجمة الحقيقية للتعاون بين الشعوب، ولذلك قيل: "إذا أردت أن تذهب سريعًا، اذهب وحدك؛ وإذا أردت أن تذهب بعيدًا، اذهب مع الآخرين".