: آخر تحديث

حامد هرساني.. الوزير الجراح.. وشيخ المطوفين

3
2
2

عبده الأسمري

ما بين «مدارات» الطوافة و»دوائر» الجراحة وزع عبير «اليقين في متون «المآثر» لينطلق» راشداً» في مسارات «مثلى» اجتازها بوقع «البصائر» وواقع «المصائر» صاعداً «درجات» الإجادة وحاصداً موجبات «الكفاءة».

استلهم من «روح» المطوف طهر «الحرفة» وانتهل من «مبضع» الجراح مهر «الاحترافية» حتى اكتمل «القرار» بدراً لينال منصب «الوزير» القادم على أجنحة «الثقة» والمتوج بأحقية «التكليف».

اتخذ من «التواضع» مساحة مفتوحة أزال منها «الأبواب المغلقة» ومن «الإخلاص» سقفاً مرفوعا رفع إليه «التفاصيل الدقيقة».

إنه وزير الصحة الأسبق وشيخ المطوفين الدكتور حامد هرساني - رحمه الله- أحد أبرز رجال الدولة وأشهر رموز الطوافة.

بوجه «مكي» مسكون بألفة «الحجاز» وتقاسيم حجازية تتجلى وسطها «ومضات» الود وتعلو منها «سمات» التواد مع عينين «لماحتان» تسطعان بنظرات «الإنصات» ولمحات «التروي» وشخصية ذات طابع «إنساني» وطبع «مهني» لطيفة القول نبيلة التعامل أصيلة المقصد شفافة الرأي لينة الجانب وأناقة وطنية متكاملة على «محيا» وقور مقامه «رونق» الحضور وقوامه «تأنق» التواجد ولهجة مكية عميقة الجذور تتجلى منها «الأمثلة المكية» و»الحكايات الحجازية» في مجالس القوم ولغة ندية متعمقة الفهم تعلو منها «العبارات الطبية» و»الاعتبارات المهنية «في عيادات التداوي وسيرة عريضة ما بين «مهام الحج والعمرة» ومسيرة مميزة وسط «مهمات الصحة والطب» قضى هرساني من عمره عقود وهو يبنى صروح «الطوافة» على أسس من الجودة والأمانة ويؤسس أركان «التنمية» على أصول من التخطيط والتنفيذ وزيراً وحرفياً ووطنياً ووجيهاً رسخ سيرته على صفحات «الذاكرة» المشرقة في اتجاهات الأثر والتأثير.

في باب «العتيق» الساطع على ثرى أم القرى الطاهر ولد هرساني في نهار مفعم بالبشرى ومتوج بالفرح وترددت «أصداء» السرور في منزل والده «الوجيه المكي» المطوف الشهير وامتلأت الحارات المكية بوقائع «البهجة» وانطلقت «الأهازيج» الحجازية لتعانق السماء وتبهج المساء في منازل «الجيران» ليتقاسموا «مضامين» المباركة والمشاركة التي غمرت «الزمن» بالقدوم الميمون.

تفتحت عيناه «صغيراً» على أسرة توسمت بالفضل وتوشحت بالنبل في مهنة «الطوافة» واكتظت ذاكرته «الغضة» بتلك «الوجوه» المشكلة القادمة من أنحاء المعمورة والذين سكنوا وأكلوا وشربوا بين ثنايا الديار ووسط المكيين في المواسم الدينية وترسخت لديه «الصور» الذهنية لمعاني «الكرم» ومعالم «الجود» وسبل الضيافة الأصلية التي غمرت وجدانه طفلاً بسمو المهنة ورقي المهمة.

تعتقت نفسه صغيراً برياحين «التقوى» في صحن الطواف وأمام الملتزم وتشربت روحه روحانية «المقام» حول «الحطيم» وبجوار الحجر الأسود وغمرت وجدانه «السكينة» في مسارات السعي بين الصفا والمروة حتى انجذب باكراً إلى تلك «المناهج الدينية» الفاخرة في عطايا «المكان» ومعطيات «الزمان».

ارتبط بالعلم منذ صغره موجهاً عيناً على «العلوم» بحكم «الميول» وأخرى على «الطوافة» باحتكام «التوريث» مما جعله ثاوياً في أهل «التعليم» حيث قطع «مفازات» مكة المكرمة «حافياً» يرسم خرائط «المصابرة» على عتبة «الأمنيات» وظل يقضي نهاراته المضيئة بالتقى مرابطاً على «باب علي» في الحرم المكي الشريف حيث درس في بداياته على أيادي الشيوخ «محمد أمين كتبي» وعيسى رواس وحامد كعكي حتى حصد «بركة» المحفل والمكان لمدة تسع سنوات نال بها الشهادة العالية.

ظل هرساني يؤنس يومه بركض «بريء» مع أقرانه بين حارات الباب والحجون والقشاشية مستوقفاً عقارب «الزمن» في إطلالة على البيت العتيق تنفس معها «شهيق الجبر» الذي ملأ عروقه بأنفاس الضياء. وارتبط عاماً كاملاً بالعمل مع والده في «الطوافة» ثم واصل هرساني دراسته في مدرسة تحضير البعثات في المسفلة، وتخرج ضمن أول دفعة منها ضمت ثمانية طلاب..

أحب الطب ونوى إكماله وتأخرت بعثته نظير «الوضع السياسي» في مصر آنذاك وبعد أن هدأت «الأوضاع» انطلق مع زملائه في رحلة ابتعاث شهيرة على متن رحلة بحرية أقلتهم إلى «السويس» والتحق بكلية طب القصر العيني «الشهيرة» وأتم دراسته فيها حتى نال درجة طبيب مقيم زائر في سنة الامتياز وكان يتلقى مصروفاً مقداره 12 جنيهاً نظير تفوقه مقابل 8 جنيهات لغيره.

عاد هرساني إلى مكة مكللاً بشهادة الدراسة ومجللا بريادة المرحلة وتم تعيينه من الملك فيصل رئيساً للمطوفين مكان والده..

وانطلق في ميدان العمل لسنوات في أعمال مبهجة وأفعال بهيجة وتمكن من تأسيس مرحلة متجددة من عمل الطوافة ترددت أصداؤها في أفق الاحتذاء حتى اليوم.

وفي عام 1381هـ أمر الملك سعود بتعيينه وزيراً للصحة، وقد تمكن خلال حقبته الوزارية من تسجيل عدد من المنجزات ومن أهمها إطلاق أول قسم متخصص للطب الشرعي وإقرار التطعيم الإجباري وفتح المجال لعمل المرأة في القطاعات الصحية.

وفي مهنة «الطوافة» دأب هرساني على تطويرها والقرب من أرباب الطوائف وتلمس احتياجات العاملين فيها وحل الخلافات والمشكلات والقضايا التي تعترض مسيرة هذه الحرفة المتوارثة عبر قرون، وظل مرجعاً لمسؤوليها ومنطلقاً لتميزها..

اشتهر هرساني ببعد نظر ورؤية ثاقبة مكنته من صناعة «التميز» في أعماله المختلفة وظل يزرع في أنفس العاملين معه وزارياً ومهنياً وشخصياً أهمية النزاهة والأمانة والإبداع لتقديم الأعمال في أبهى حللها وأزهى حالاتها من خلال حرصه على «التوجيه» المتزن وقربه من موظفيه واندماجه مع مجتمعه مبتعداً عن «الأضواء» متجهاً إلى تأصيل «الإمضاء» على المستويين المهني والشخصي مما جعله «رقماً» ثابتاً في معادلات «النماء» وعدداً فريدا ً في معدلات «الانتماء» محولاً العمل إلى أسلوب حياة والأداء إلى مسلك تعايش والهدف إلى نقطة تحول.

انتقل هرساني إلى رحمة الله في شهر يوليو من العام 2010 م ، وووري جثمانه مقابر «المعلاة» على أرض مكة المكرمة الطاهرة التي ركض عليها طفلاً ونشأ عليها يافعاً وتميز فيها قيادياً ووجيهاً وظل يملأ آفاقها بالصيت النبيل والسمعة الطيبة.. وقد تناقل «المكيون» النبأ عبر مشاهد «النعي العميق والرحيل الموجع».. وتلقت أسرته التعازي من كبار مسؤولي الدولة ومن أعيان الحجاز ووجهاء الوطن واقترن خبر وفاته باستعراض ما قدمه من «منجزات» وما امتلكه من «سمات» تكاملت ما بين «الصفاء والوفاء».

ترك هرساني «ذكره» في استذكار مقترن بالعلا واعتبار مرتبط بالمعالي ليكون علامة فارقة في المشهد الوطني كقامة طبية وقيمة وزارية ومقام إنساني وزع «أثير» الاقتداء في اتجاهات الإنجاز وأبعاد الاعتزاز.

حامد هرساني.. الوزير الجراح.. وشيخ المطوفين.. الاسم الذي ملأ فراغات» البدايات» بمتون «الفكر» وقطع خطوط «النهايات» بأنفاس «الصبر» وأبهج منصات «الذكر» بموجبات الشكر..


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد