عبدالله خلف
روى الهيثم بن عدي، قال حدّثنا رجل من بني تميم، قال: خرجت في طلب ناقةٍ لي، فوردت على ماء من مياه طيء، فإذا بعسكرين أحدهما قريب من الآخر، وإذا بشاب مُدْنفٌ قد أضنته العلة فدنوت منه لأعرف خبره فسمعته يُردد بصوت خافت:
ألا ما للمليحة لا تَعودُ
أسُخْطٌ بالمليحة أم صدودُ
مرضت فعادني أهلي جميعاً
فما لك يا تُرى فيمَنْ يعودُ
فقدتك بينهم فتلفتُ شوقاً
وفقد الألف يا سكني شديدُ
فغنت جارية:
إني لأبغض كل مُصطبر
عن إلفه في الوصل والهجر
الصبر يحسن في مواطنه
ما للفتى المحزون والصبر
رُوي عن محمد بن جعفر بن الزبير، قال: كُنا عند عروة بن الزبير وعنده رجل من بني عُذْرة، فقال له عروة: يا عذري بلغني أن فيكم رقة وغزلاً، فأخبرني عن بعض ذلك.
قال لقد خلّفْت في الحي 80 مريضاً دنفاً عشقاً ما بينهم غير الحب قد خامر قلوبهم.
قال الكميت بن زيد، من شعره:
الحب فيه حلاوة ومرارة
سائلْ بذلك مَنْ تطاعم، أو ذق
يا أيها الدنف المعذب بالهوى
إني بأهوال الهوى لعليم
الحب صاحبه يبيتُ مسهداً
ويطير عنهُ فؤادُه ويهيمُ
الحب داءٌ قد تضمنه في الحشا
بين الجوائح والضلوع مقيمُ
الحب لا يخفى وإن أخفيته
إن البكاء على المحب نمومُ
الحب فيه حلاوة ومرارة
والحب فيه شقاوة ونعيمُ
الحب أهون ما يكون مبرح
والحب أصغر ما يكون عظيم
الحب أوله عذب مذاقته
لكن آخره النغيص والكدرُ
كم تيم الحب أقواماً وذللهم
وكم يد للهوى قد وارت الحفر