: آخر تحديث

نحو مدرسة فلسطينية للاعنف

5
4
4

محمد خالد الأزعر

منذ 50 عاماً، أقر المجلس الوطني الفلسطيني، بإمكانية التواصل والتحاور مع القوى الإسرائيلية العاطفة على بعض الحقوق الفلسطينية، التي عُرفت وقتذاك بمعسكر السلام.. وأوكلت تلك المهمة لفريق ترأسه محمود عباس، المنحاز تاريخياً للحل السلمي، والذي انبرى لاحقاً لترؤس المفاوضات التي انتهت باتفاق أوسلو.

كل المياه التي جرت في نهر السياسة الإسرائيلية، لا سيما خلال الـ 30 عاماً من حكم اليمين المتطرف، جاءت معاكسة تماماً لأفكار أبو مازن.. ومع ذلك، يحسب للرجل تعلقه بهذه الأفكار، قبل وبعد ترؤسه لحركة فتح ومنظمة التحرير والسلطة الوطنية.

ما يوفره اللاعنفيون الفلسطينيون، لا يتعدى توليفة أدبية، وتطبيقية عشوائية، تعتمد علي مطالعات لتجارب عالمية أو إقليمية، بعضها لا صلة له بنمط قضيتهم.

هذه المراوحة بين العنف واللاعنف، تؤكد أن الشعب الفلسطيني تلمس كل السبل لانتزاع حقوقه، غير أنه يصح النظر للأمر بشكل آخر، موجزه فضفاضية التعامل مع الوسائل التحررية والمفاضلة بينها، علي غير هدى ولا بصيرة من نجاعتها.

ما ينبغي الاعتراف به موضوعياً، عدم التناسب بين التضحيات والإنجازات على مساري العنف واللاعنف. ويتعين على فريق اللاعنف، أن يسهر ويبذل جهداً أكبر، لأجل تعزيز جدارة اتجاهه.

مرور حقبة ممتدة علي الترويج لمفهوم المقاومة اللاعنفية، فضلاً عن معايشة تجربة غنية بحجم الانتفاضة الأولى.. هذا كان يكفي وزيادة لبلورة نموذج خاص لهذا المفهوم.

كذلك، على اللاعنفيين ألا يغفلوا أنه لكي يحقق نهجهم بعض أهم مراداته، كالمقاطعة والعصيان المدني، لا بد من التوجه جدياً إلى فك الارتباط الاقتصادي والمالي مع الاحتلال.. وتخليق الفرص والبدائل الذاتية، لتخفيض ثمن هذا الانفصام، الأمر الذي يبدو بعيد المنال، بالنظر لاتفاق أوسلو وتوابعه، الذي شدد هيمنة إسرائيل والمانحين اقتصادياً ومالياً، على رقبة الضفة وغزة!

إلى هذا، هناك شروط هيكلية أخرى لنجاح المقاومة المدنية، يتصل أبرزها بتماسك الأوضاع البنيوية للمجتمع المعني، ومستوى التلاحم القيادي والانضباط الحركي والاستمرارية.

ترى، هل تأمّل اللاعنفيون الواقع الفلسطيني القائم في ضوء هذه المحددات؟.. تراودنا شكوك حقيقية حول توفر أهم شروط هذا التوجه. كيف لا، والانقسامات الداخلية تعصف بوحدة النظام السياسي، وبقوة أطر المجتمع المدني، على حد سواء؟!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.