في مصر «دوشة». والدوشة أثارها كاتب عرف بالهدوء والرقي هو الدكتور أسامة الغزالي حرب. اقترح حرب العودة إلى الألقاب التي ألغيت مع ثورة 23 يوليو (تموز)، مثل «الباشا، والبيه، والأفندي»، وأن تُمنح للناجحين من رجال الأعمال، وكل من أدَّى خدمة كبرى في سبيل مصر. وبعض من تحمَّس للفكرة دافع عنها بالقول: إن المصريين ينادون بعضهم بعضاً بألقاب تشريفية في أي حال، الأكثر استخداماً هو «الباشا»، والأكثر معقولية هو «البيه»، والذي غاب عن التداول هو «الأفندي»، وكانت تعطى في الماضي للعسكريين.
ارتكب حرب في مطالعته خطأً غير مقصود: وماذا عن تكريم السيدات، والعالم برمته في موكب حقوق المرأة؟ لقد احتفلت يسرا قبل أيام قليلة ماضية ببلوغها السبعين. لو أننا في بريطانيا لمنحها الملك لقب «ليدي»، أو «ديم» أو «ديفا». وهو يعادل لقب «سير» للرجال. وفي أي حال، ففي جميلة السبعين خصال ملكية. لعل حرب يتولى بنفسه العدل في حق سيدات مصر اللاتي أعطيت أميرتهن أولى المراتب، «الست».
لو سئل العرب خارج مصر عن رأيهم في الموضوع، لاقترعتُ فوراً إلى جانب الاقتراح. وهذه بادرة تكريم أهم من أتقنها البريطانيون. وطالما أعطي لقب «لورد» أو «سير» لنقابيين فقراء يقطنون في شقة من غرفتين. وتعمل فرنسا بالنظام نفسه في تكريم كبارها، ولكن بالأوسمة بدل الألقاب. تضاف إليها أحياناً، عضوية مجلس الشيوخ، وهو تقليد سائر في بلدان أخرى منها كندا. وحتى في لبنان، أُقر قانون إقامة مجلس شيوخ، لكن لا يُعرف من يعرقله، ولا أي طائفة تقف في وجهه. وكان الرئيس ميشال سليمان قد وعد بالعمل على ذلك في «خطاب القسم»، الذي ألقاه بعد انتخابه. وقال له يومها أحد أصحابنا: «في بلدنا، من الأنسب عدم الالتزام بالوعود المتنازع عليها».
في جملة الاعتراض «على عودة الألقاب» ثمة من اعترض على الطربوش الباشاوي أيضاً لأنه يعرقل حياة معتمره. وأعتقد أنه اعتراض وجيه. خصوصاً إذا كانت «شرَّابته» كبيرة.