: آخر تحديث

هل فعلاً كل مواطن.. خفير؟

5
4
3

هل فعلاً كل مواطن في الكويت خفير؟ بمعنى هل نتحمّل مسؤولية ما نراه في تفاصيل يومنا من أمور خاطئة أو تجاوزات للقانون أو ظواهر لافتة للنظر، بسبب سلبياتها وعدم منطقيتها؟ هل نحن كمواطنين مطلوب منا فعلاً أن يكون كل واحد منا خفيراً في بلده؟

أعرف أن الجواب حتماً سيكون «نعم». ولكن عندما أكون خفيراً غيوراً على وطني، ملاحقاً لكل الأخطاء والمخالفات التي ترتكب، هل أجد أذناً صاغية من قبل الجهات المسؤولة والمعنية في الدولة؟

بمعنى انني ككاتبة في صحيفة، أعبّر عمّا أرفضه بحكم القانون، وما أجده يتنافى مع مصلحة هذا الوطن، إلا إنني وللأسف أقول «نادراً» ما أجد أذناً صاغية، أو أتلقى رداً سريعاً من الجهة المعنية تفيد باهتمامها وتعاونها واستعدادها لمتابعة الموضوع، وتتم المتابعة بشكل جاد وتعديل الخطأ.

أكاد أجزم بأن هناك بعض الأمور التي كتبنا - أنا وغيري - عنها مراراً وتكراراً، لم نجد تجاوباً معها إلا بعد سنوات طويلة وللأسف.

عندما كُشف تزوير السحوبات الأخيرة، كان من قبل «مواطن خفير»، مواطن بسيط لا يتلقى راتباً مقابل مسؤولية تتبع الأخطاء ومحاسبة مرتكبها.

لم يتم ضبط المتهمين في شبكة الفساد في هذا الموضوع بالجهة المعنية من قبل الموظفين العاملين فيها، بل من قبل مواطن عادي.

هذا لا يعني أبداً أن كل الموظفين لا يقومون بأدوارهم كما يجب، بل إن معظمهم يقومون بذلك على أكمل وجه، إلا أن الفساد، الذي اُكتشف، والذي تتسع دائرته يوماً بعد يوم للأسف، يشير إلى أهمية دور المواطن الصالح، الذي لا يبغي شيئاً من وراء إثارة انتباه المجتمع، وتنبيه الجهة المسؤولة عن خطأ أو تقصير ما، سوى مصلحة الوطن، ولفت النظر من دون أي تجنٍّ منه، وهذا بحد ذاته يحتاج إلى من يستمع ويهتم، ومن يتابع بشكل جاد.

أنا شخصياً، وكثيرون غيري، لسنا من قوم «مكاري»، أي «ما لنا شغل بشي».. فإذا ما صادفني خطأ أو تجاوز أو مخالفة خلال يومي، فغالباً ما أرسله إلى الجهة المعنية موثقاً بالوقت والتاريخ والعنوان.

ظواهر الوقوف على أرصفة الطرق والشوارع، الوقوف في مواقف مخصصة لفئات محددة، مثل كبار السن والمعاقين، استغلال مسؤولية أو منصب معيّن للتعدّي على المراجعين لفظياً أو المعاملة بشكل غير لائق.. كلها وغيرها ظواهر لا أملك أن أغض النظر عنها أبداً.

‏ظاهرة لفت نظري منذ فترة، ولا تزال مستمرة للأسف، وهي ما اعتبرها إصراراً على تحدّي القانون.

بعض المحال التجارية العادية والكبرى منها، وأنا هنا أخص بعض المحال المشهورة في مجمعات تجارية كبيرة، تصر على عرض منتجاتها من دون وضع سعرها أمامها، وقد تحدثت مع البائعين والمسؤولين فيها أكثر من مرة، وغالباً ما يتحججون بأنهم قد أتموا للتو إعادة عرض القطع على الأرفف، وسيقومون بوضع أسعارها قريباً، لكنني حرصت وأحرص دائماً على معاودة زيارة هذه المحال لأجدها على حالها.

ولاعتبار هذا الأمر يخالف قوانين وزارة التجارة، ومن باب إني «مواطن خفير»، قمت بالاتصال بجهة للفت النظر حول هذا الموضوع، لكنني فشلت.

نريد أن نعرف دورنا في مجتمعنا كمواطنين محبين له، وحريصين على ظهوره بالصورة الصحيحة والجميلة، هل كل واحد منا فعلاً خفير، ليس بالقول فقط، بل بالفعل أيضاً؟

لكن الأهم من ذلك كله رد الفعل من قبل الجهات المعنية.

‏فالمواطن الخفير والمحب لوطنه لا يمكن أن يستمر بدوره، إلا إذا وجد أذناً صاغية وفعلاً جاداً.


إقبال الأحمد


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد