: آخر تحديث

تبرُّع المليون دولار

6
6
6

«... لن نقبل بصفقة تبدد إنجازات الحرب، والصفقة الوحيدة المقبولة هي الاستسلام الكامل لحماس، وتحرير المختطفين..»!! (القيادة الإسرائيلية)

* * *

وضعت الحرب الإسرائيلية – الغزاوية، ممثلة بحماس، أوزارها، وغالباً مؤقتاً، مع توقيع اتفاقية الهدنة، بعد 15 شهراً من الفظائع، خسر خلالها الشعب الفلسطيني عشرات آلاف الضحايا وأضعافهم من المصابين بجروح وندوب نفسية وجسدية خطيرة، وإتلاف كامل البنية الفوقية والتحتية لغزة، وانهيار كل الخدمات التعليمية والطبية والصحية، وتحول القطاع لكم هائل من الأنقاض، قد يتطلب رفعها السنوات، فما بالك بإعادة بناء ما تهدم؟ والأكبر من كل ذلك الخسائر المعنوية الهائلة المتمثلة في ضياع فرص العمل والأمل في المستقبل والتعليم، ولا يمكن لأي جهة تقدير حجم الخراب، المادي والمعنوي والنفسي، الذي أصاب غزة وأهاليها، ولكن متى كانت حركات التحرير، في أي منطقة أو زمن، تحسب حساب ما ستخسره، من أرواح وممتلكات، قبل الإقدام على أي عملية عسكرية؟

يجب الإقرار أولاً أنه لا مجال للمقارنة بين طرفَي الصراع. فإسرائيل دولة لها حدود معترف بها من كل المنظمات الدولية، و190 حكومة، وتتمتع بدعم غربي كامل، واقتصاد قوي شديد التعقيد، وتحتل المرتبة الـ16 بين 187 دولة على مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة، فهي دولة «متطورة للغاية»، والثانية التي لديها «وادي سيليكون» بعد كاليفورنيا، ويستثمر أقطاب المال في اقتصادها، ووجهة سياحية، وتبلغ موازنتها السنوية 130 مليار دولار، تقريباً، ودخل الفرد فيها هو الأعلى، وجيشها الأكثر تقدماً وتقنية في العالم، ولديها جهاز استخبارات لا نظير له. كما يبلغ عدد سكان الدولة 9 ملايين، وتم تدريب كل مواطن للالتحاق بالجبهة خلال ساعات.

على المقلب الآخر نجد أن غزة، التي تديرها حماس، بفكرها الإخواني، لا تمتلك شيئاً من كل ما ورد أعلاه، فلا جيش ولا حكومة ولا حدود ولا اقتصاد ولا مرافق معقولة، حتى قبل الحرب، ولا اعتراف دولي، ولا مال ولا وطن واضح، ولا تقدم ولا دبابات، ولا دعم غربي، ولا حتى من السلطة في رام الله، ومع هذا صمدت ضد أعتى قوة وأكثر الأنظمة إجراماً، ونجحت في فرض وقف إطلاق النار بشروطها، وكل ذلك شكَّل علامة فشل لنتانياهو الذي سيسعى جاهداً لإفشال الاتفاق!

المقاومة باقية، والقضية حية، وما كسبته من دعم دولي ونجاح سياسي لم تحصل عليه طوال 76 عاماً، فالروح المعنوية للجائع والمحاصر والضعيف والمشرد، والمدمر، الذي فقد كل شيء، هي التي انتصرت على الآلة الإسرائيلية العسكرية المخيفة، المدعومة من أقوى الدول، وهي الهزيمة العظمى للصهيونية، منذ تأسيسها كفكر استعماري استيطاني.

قد يرى البعض النصر مزيفاً أو باهتاً، مقارنةً بحجم الخسائر الهائل في الأرواح والممتلكات، ونعيد القول: متى كانت حركات التحرر تفكر بموازين ومقاييس التاجر أو المقاول؟!

الخلاصة: لا يمكن لأي عاقل قبول استمرار الوضع كما هو. وليس من حق أي طرف إملاء خياراته على الشعب الفلسطيني. ومن الضروري بالتالي إجراء استفتاء يشمل كل الفلسطينيين، لمعرفة رأي الأغلبية؛ هل هي مع استمرار المقاومة، بكل الطرق، وبأي ثمن، حتى تحقيق حلم الدولة المستقلة! أم القبول بوضعهم الحالي؛ كأقلية ضمن إسرائيل؟

لتحقيق الاستفتاء، أنا على استعداد للتبرع بمليون دولار، وتجميع أربعة ملايين أخرى، من مختلف المصادر، لغرض تمويل إجراء هذا الاستفتاء من قبل جهة دولية محايدة!


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد