: آخر تحديث

«سحر بحراوي: الجولة الثانية !»

6
6
6

حسين شبكشي

الحياة مليئة بنماذج ملهمة ومميزة تعيش حولنا، تواصل عطاءها وتوهجها بالرغم من الظروف الصعبة الخاصة والتحديات المؤلمة الخفية التي لا يعلمها أقرب الناس. ومن أهم هذه النوعية من التحديات هي التي تأتي على شكل أمراض صعبة وثقيلة عرّفها الدين بلفظ الابتلاء، وهي تأتي لامتحان خاصة الخاصة في ثباتهم وصبرهم وتحمّلهم وقدراتهم وصلابتهم وحسن ظنهم بل وحتى في إيمانهم. وأمام هذه التحديات الثقيلة المؤلمة هناك من ينجح وهناك من ينكسر ولكن دوماً ما يكون طوق النجاة هو في الصبر الجميل واليقين العميق وحسن الظن الكبير بالله الرؤوف الرحيم.

تعيش الكاتبة الروائية السعودية ومؤلفة الدراما المسرحية المميزة سحر بحراوي هذه الأيام تجربة مؤلمة وصعبة في مواجهة مرض ثقيل عاد إليها مجدّداً بعد أن كانت قد انتصرت عليه في جولة أولى واجهته بشموخ وعزة نفس وإيمان عميق وإيجابية هائلة وحسن ظن بالله لا ينقطع وتعلق بالأمل لا يتوقف مع ابتسامة لا تغيب بالرغم من الألم.

لم يحصل تطور طبي عظيم في العلاج المقدم للأمراض المتعلقة بالأورام المختلفة بل هو تطور مطرد وبسيط نسبياً، ولكن الذي تغير فعلاً هو تغيير مهم جداً في استيعاب المرضى والمجتمع لمعنى المرض والتقليل من السلبية والسوداوية المحيطة به خصوصاً مع ازدياد أعداد الناجين منه وهم يروون تجارب شفائهم المثيرة والملهمة. في هذه الأثناء تسطّر سحر بحراوي أهم سطور في حياتها هي سطور من الواقع وليست من نسيج الخيال ولكنها حتماً ستكون أهم ما سطّرت به. تنقب مجدداً في أسبار النفس والروح عن المزيد من جرعات الصبر والأمل لمساعدتها في جولتها الثانية، هي تدرك تماماً أن الحياة لا يجب أن تتوقف فهي مستمرة في ممارسة كافة أدوارها، فشغف التعلم مستمر ونالت درجة الماجستير من جامعة لندن العريقة، وإنتاجها الأدبي مستمر، ومحاضراتها وورش العمل التي تقدمها لم تتوقف، إضافة لاستمرار عطائها كابنة بارة رضية لوالديها وتواصل «أم سلمان» عطاء غريزة أمومتها بلا توقف.

التوازن الصعب والمطلوب بين عزيمة مواصلة الحياة بالرغم من المرض وآلامه والتعلق بالأمل لنيل طعم حلاوة الشفاء وأحلامه هو طريق لا يسلكه إلا النخبة المنتقاة التي تحيط بها ملائكة من نور يؤمنون على دعوات العشرات من الناس الذين يرفعون أكف الرجاء لرب السماء بيقين الإجابة لشفاء تام، شفاء لا يغادر سقماً.

هناك الكثير من العبر والدروس المستفادة التي يمكن الخروج بها لتكون مرجعية لتجارب آخرين يمرون بظروف وتجارب مشابهة، أهمها البعد عن اليأس والشعور بفقدان الأمل والسوداوية والسلبية وتحويل كل الغضب الكامن إلى طاقة إيجابية هائلة لمواجهة المجهول الصعب. عندما سئلت سحر بحراوي عن الكيفية التي واجهت بها المرض ابتسمت ونظرت إلى السماء ثم أشارت إلى قلبها، وبحسب ما فهمت منها التي طرحت عليها السؤال أدركت أن سحر بحراوي تقصد أنها وكّلت أمرها لرب السماء وبيقين كامل في القلب. ويبقى هذا أهم دواء. ندعو الله أن يشفي سحر بحراوي في جولتها الثانية وأن يشفي كل مريض يمر بمحنة صعبة وثقيلة، والمهم أن يكون متأكداً أنه ليس وحده.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد