إلى أين ينجرف القلم في سيل هموم الثقافة العربية؟ حذار أن يتجرّأ متنطع على الثقافة والمثقفين بدعوى أنهم يحجّمون أدوارهم، فلم نرهم يوماً يبحثون ويدرسون ويحققون في أسباب تخلف العالم العربي في ميادين العلوم والتقانة، وما فيها من اكتشافات وبراءات اختراع وأوراق بحثية متألقة عالميّاً.هل يُعقل أن تجلس الثقافة القرفصاءَ على رصيف العلوم، غافلةً عن التفكير في ملكوت السماوات والأرض بمزيج الفيزياء الفلكية وفلسفة العلوم والتصوف؟ أليس الوعي في الدماغ على صلة بالبيولوجيا؟ أليست الموسيقى والفنون التشكيلية قائمةً على فيزياء الكوانتوم؟ كيف لا يتساءل القوم عن علل غياب الإعلام العلمي عربيّاً، فلا ندوات علمية في الفضائيات، ولا مجلات متخصصة؟ جولة في أكشاك المطبوعات تكشف لنا ركام مجلات الأزياء والزوائد المحسوبة على الفن.الأوساط الثقافية، لدوافع غامضة، تنأى بنفسها عن الخوض في قضايا التربية والتعليم. الجواب الجاهز: العلوم التربوية مجال تخصصي من الفضول إبداء الرأي فيه أو نقده من قبل أهل الثقافة. طريف ألّا ترى الثقافة آثار الأمّية في الثقافة، ألّا تنظر إلى عدم تطوير المناهج كمشكلة ثقافية من النوع الأدهى. تخيل شخصاً مثل برنار هنري ليفي، الذي يرى نفسه فيلسوفاً، قد تدخّل في شؤون يوغسلافيا، أفغانستان، العراق، سوريا، ليبيا، السودان، تونس التي طرده مثقفوها، فنزويلا، وبلدان أخرى. أخطر منه الدكتور برنارد لويس الذي وضع خرائط تقسيم عدد من الدول العربية والإسلامية. ثقافة الغرب الاستعماري لا ترى للثقافة معنى إذا لم تكن وثيقة الصلة بالجيوسياسي والجيوستراتيجي. هكذا قامت نظرية الثقافة الاستراتيجية قبيل الحرب العالمية الأولى، في الولايات المتحدة، وفي هذا النمو لمفهوم الثقافة، سطا الخبراء الاستراتيجيون أمثال بريجنسكي وكيسنجر على مكانة الفلاسفة، البقية كتّاب وإعلاميون. السطو الآخر كان حرف الفنون التشكيلية عن مسارها عالميّاً، وإطلاق الفن المعاصر والحديث كحربة مسمومة في الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفييتي، حتى دعا فلاسفة فرنسيون إلى التساؤل: هل علينا إحراق الفن الحديث لكونه مؤامرةً دبّرتها الاستخبارات الأمريكيّة لمحاربة الماركسيّة. هذا لا يعني أننا نتمنى أن يكون مثقفونا هكذا. أملنا أن يغيّروا ما بأنفسهم من عوامل عزل الثقافة عن صميم الحياة، حتى تغدو محرك التنمية الشاملة ومرقاة الإنسان والأوطان والأمة.لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: الثقافة هي كل ما يجعل من الطبيعة والحياة حضارة.
إشكاليّات محدوديّة الأفق الثقافي
مواضيع ذات صلة