: آخر تحديث

إسرائيل وإيران.. ودول «مجلس التعاون»

12
14
12

مر الجوار الجغرافي للمنطقة العربية، خلال الأسابيع القليلة الماضية بفترة عصيبة من التوتر وعدم الاستقرار.وفي إطار ذلك دعت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى التهدئة وتحكيم العقل، وأعربت عن قلقها الشديد من استمرار التوتر، ودعت إلى عدم اتخاذ المزيد من الخطوات التي تفاقم التصعيد. لقد جاء ذلك على أثر تبادل عمليات الردود العسكرية بين إيران وإسرائيل في عمق كلا الدولتين اللتين تجاوران المنطقة العربية، وما يحدث بينهما، وفيهما يؤثر بلا شك تأثيراً مباشراً على جميع الدول العربية. وبرغم مما يقال عن أن الدولتين المتناوشتين قد حققتا أهدافاً سياسية وعسكرية واستراتيجية، خاصة بكل واحدة منهما على صعيدهما الإقليمي والداخلي، وبعيداً عن مقولات ونظريات المؤامرة التي انتشرت كانتشار النار في الهشيم على صعيد المنطقة، فإن تأثير ما حدث على صعيد دول المنطقة كافة ينبئ بالخطر، ويهدد أمن العالم العربي تهديداً مباشراً.

وفيما وراء حقيقة أن الدول العربية جميعها تشعر بالقلق المستقبلي إزاء ما يحدث، وبأنه لا وسيلة مباشرة لديها للتأثير على السياسة الإيرانية والإسرائيلية، تكمن عوامل بنيوية أخرى تصقل افتراضات وعمليات اتخاذ قرارات السياسة الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي بالذات، ومما يتعلق بإيران تحديداً. من الحتمي الاعتراف بأن دول مجلس التعاون الخليجي وإسرائيل تنظر إلى العلاقة مع إيران بطرق مختلفة جداً. وبالنسبة للإسرائيليين روابطهم السياسية والاقتصادية والثقافية البادية على سطح الأحداث ضعيفة جداً مع إيران، ويتم النظر إليها كتهديد أمني صعب. وبالنسبة للإعلاميين والمحللين السياسيين، وصناع السياسة الإسرائيليين، يظل التهديد الإيراني قائماً ومادياً وقابلاً للقياس، وتسيطر عليه عوامل من قبيل التسلح الواسع، والرغبة في حيازة أسلحة الدمار الشامل والصواريخ الحاملة لها، ودعم الإرهاب.

هذه النظرة الإسرائيلية تجاه إيران، هي النتيجة المباشرة لعقود من العداء الظاهر المستحكم والتوترات وتبادل الاتهامات بين إيران وإسرائيل، الذي خفض العلاقات، وأوصلها إلى نقطة الصفر. غياب وجود مصالح الأعمال والتبادل الثقافي والتجارب الشخصية، ووجود جماعات الضغط الإيرانية في داخل إسرائيل تلعب دوراً في كيف أن الافتراضات المسبقة تجاه الآخر تتم صياغتها، والسياسات يتم رسمها وتشكيلها واتخاذها على أعلى مستويات من الحكومتين دونما تأثير من طرف منهما على الآخر، أو أخذه بعين الاعتبار بسبب عدم وجود الأدوات والأساليب، أو حتى المعلومات اللازمة لذلك. العلاقات الإسرائيلية - الإيرانية باقية في أدنى مستوياتها منذ سقوط نظام الشاه السابق في عام 1979.

بالنسبة للإسرائيليين الممارسات الإيرانية تجاههم هي السبب في ذلك، فوجود إيران في لبنان وسوريا من خلال «حزب الله» اللبناني، والدعاية والشعارات الإيرانية العنيفة المضادة لإسرائيل، وادعاء إسرائيل بأن إيران تدعم التنظيمات المتطرفة والإرهابية المعادية لها كـ «حزب الله» في لبنان، و«حماس» في قطاع غزة، و«الحوثيين» في اليمن، وملف إيران النووي، ودور إيران في دعم عدم الاستقرار في جوار إسرائيل الجغرافي في عدد من الدول العربية، بدءاً بلبنان وسوريا، مروراً بالعراق، وانتهاءً باليمن، جميعها عوامل تجعل من إسرائيل متخوفة وحذرة من النوايا الإيرانية تجاهها. لذلك، فإن عدداً لا يستهان به من العراقيل السيكولوجية الداخلية والعوامل الموضوعية الإقليمية والعالمية تعيد باستمرار تقوية عدم القدرة الإسرائيلية على صياغة أنماط من السياسة الخارجية الجديدة تجاه إيران، والنظر الدائم إليها على سطح الأحداث المكشوفة على أنها عدو قائم وتهديد مستمر، وبالتأكيد ليست بصديق محتمل على المدى القصير. هذا الأمر بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي خطير جداً، ويستدعي منها العمل الدائم على تهدئة الأوضاع بين الطرفين ما أمكن ذلك.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.