يعتقد قطاع واسع من أولياء الأمور أنه ينبغي على الأبناء أن يكونوا نسخة منهم في التفكير والأسلوب، وحتى في طريقة التربية والتعامل مع التحديات والنظرة نحو المستقبل، هناك أمثلة كثيرة لخصت هذا الأمر، ومنها المثل الشهير: «من شابه أباه فما ظلم». وغيرها الكثير من الأقوال والحكم والأمثال التي تعزز هذا التشابه.
ولكن هناك فرق كبير بين الاقتداء والتقليد، فرصة أن تكون قدوة لابنك، سوف تصنع منه رجلاً قادراً على مواجهة التحديات، وأما التقليد فلن يثمر شيئاً، حتى ولو كان هذا الأمر شيئاً متقناً.
يُحكى أن رجلاً كان والده من أفضل صناع الأثاث، وكان يقوم بتقليد غرف النوم بمجرد رؤية صورتها المطبوعة بشكل دقيق، يقول هذا الابن عن أبيه: لو كنت اتّبعت طريقة أبي في العمل، لأصبحت أفضل نجار في بلدتي فقط، لقد كان أبي يتقن عمله بشكل غير عادي، واعتقدت أنني ورثت عنه صفة الإتقان، لكنني قررت أن أخلع عني رداء التقليد الذي أخذته عنه، فأضفت لأعمالي الفنية بعض اللمسات المختلفة، ما شجعني على التوسع وبناء شركة عنوانها الابتكار.
إذا ما أردنا لأنفسنا وأبنائنا أن يبدعوا، لا بد أن نبعدهم عن التقليد، ونساعدهم على الابتكار والتجديد، والتحرر من الأفكار القديمة، فالعقول تشبه المغناطيس التي قد تجذب إليها أكبر عدد من الأفكار والحلول الممكنة، عندما ينفرد الطفل بشخصيته وميوله ونظرته نحو المستقبل، هي ميزة وخصلة يجب أن ندعمها. عندما سئل بول بوينتون، مؤلف كتاب «ست طرق للحصول على عمل»، عن أكبر خطأ يرتكبه الباحثون عن وظيفة، قال:
«أكبر خطأ يرتكبه الباحثون عن العمل، أنهم لا ينطلقون على سجاياهم، فبدلاً من أن يتحدثوا بصراحة عن أفكارهم وآرائهم، يحاولون أن يعطوك أجوبة يعتقدون أنك تريدها، لكن ذلك لا يفيد، لأن ما من أحد يريد عملة مزيفة».