: آخر تحديث

أرجوك لا تلمس ذلك الطفل!

25
22
26

جمعتني مائدة إفطار بسيدة تعيش تجربة الأمومة للمرة الأولى، وهي على صغر سنها وقلة خبرتها، سيدة شديدة التوجس والحذر، قالت لي بشكل مفاجئ ونحن نخوض شجون أحاديث مختلفة: لدي موضوع يصلح أن يكون فكرة لمقال! وهي جملة لطالما سمعتها مئات المرات، لأن الناس خلال ساعات يومهم يمرون بالعديد من المواقف ويرون الكثير من البشر والتصرفات، لذلك يحبون أن يتبادلوا الحوار حول تلك المواقف من وجهات نظر مغايرة، خاصة وأننا نعيش داخل مجتمع متعدد الثقافات، يتيح مجالاً لتباينات كثيرة في المواقف.

طرحت المرأة فكرتها على شكل سؤال: ما رأيك في هؤلاء الغرباء الذين يتجرؤون على الاقتراب منك أو لمس طفلك ومحاولة التعبير عن إعجابهم به؟ ألا يعتبر ذلك سلوكاً خطأ وغير مقبول؟ ألا يعبر عن حالة من التطفل والتعدي على الخصوصية الشخصية للآخر؟ لقد كانت تعبر عن مقدار انزعاجها من تصرف صبيين اقتربا بشكل مبالغ فيه من طفلتها في عربتها الخاصة وبحضور والدتهما التي لم تحرك ساكناً!

في معظم الثقافات، لا يجوز لك اقتحام الحيز الخاص الذي يتحرك فيه شخص آخر أو محاولة لمسه أو الإشارة إليه بيده أو إصبعه، فهذه كلها دلالات على التعدي المباشر وعدم الاحترام وقد يصل الأمر إلى تهمة الإضرار أو محاولة الاعتداء، ومن هنا وجب على الأمهات التنبيه على أطفالهن، وخاصة في الأماكن العامة، بعدم الاقتراب من أي طفل أو أي شخص، ومحاولة لمسه أو تقبيله أو إظهار الإعجاب به بإعطائه قطعة حلوى مثلاً، فهذا كله قد يفهم بشكل خاطئ باعتباره تصرفاً مستهجناً وغير مقبول.

أبديت تفهماً واتفاقاً تاماً مع وجهة نظر الأم وخوفها وانزعاجها، وإصرارها على الحفاظ على خصوصية ابنتها وحريتها في أن تخرج مع والدتها في إطار التعرف على الفضاءات العامة دون أن يتعرض لها أحد بأي شكل من الأشكال.

لنتذكر ذلك التحذير الذي نراه في أماكن مختلفة والذي يحذرنا أنه ليس لنا أن نمد أيدينا لنلمس ذلك المنتج أو تلك البضاعة.. وتلك مجرد بضاعة فما بالنا بطفل إذن؟


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد