لأننا أمّة الوفاء والعرفان ولأنّ قيادتنا الرشيدة بعزم وهمّة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين الأمير محمد -حفظهما الله، فقد تمت الموافقة الكريمة بتخصيص يوم الثاني والعشرين من شهر فبراير من كلّ عام يومًا لذكرى تأسيس الدولة السعودية، باسم «يوم التأسيس» لإحياء ذكرى هذا اليوم العزيز على قلوبنا جميعاً لتأكيد:
• الاعتزاز بالجذور الراسخة للدولة السعودية.
• الاعتزاز بصمود الدولة السعودية الأولى والدفاع عنها أمام الأعداء.
• الاعتزاز باستمرار الدولة السعودية واستعادتها لقوة جذورها وقادتها.
• الاعتزاز بالوحدة الوطنية للمملكة التي أرساها المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه.
• الاعتزاز بإنجازات الملوك الكرام من أبناء المؤسس -رحمه الله- في تعزيز وحدة البناء ورسوخه.
ففي هذا اليوم نقف موقف الوعي الباصر، والإدراك البصير بعظمة هذا المنجز، فلنقي بورود الحب للذين سطَّروا بدمائهم صفحات الفداء لأجلنا، ورسموا بعقولهم الفصول الأولى لهذه السلسلة الطويلة من ملاحم عهود امتدت على مدار ثلاثة قرون.
نحتفل بهذه الذكرى العزيزة لنحفظ ذاكرة الأجيال من آفة البلي والنسيان ولتعميق مفاهيم التّأسّي والاعتبار، وإعلاء قيمة الوفاء والإخلاص.
كان لزاماً علينا الوعي بتاريخنا، بوصفه ذاكرة أمة، وإضبارة حقب وسنوات سُطّرت فيها صنائع الرّجال على قدر عزمهم وهمتهم ومنجزاتهم، فالتاريخ يمثّل نقطة مهمّة في تاريخ الأمم، ومرجعًا ضروريًا في حاضرها ومستقبلها، فالعناية به، وبصياغة أحداثه على مضابط الموثوقية العالية، والأمانة المطلقة يجعل للدولة حضورها بين الأمم في الحاضر، ومقعدها النائف في المستقبل، طالما بقيت واعية كل الوعي بتاريخها ومترتباته، حفيّة به كل الحفاوة، معظّمة لرموزه تعظيم حق على منصّة الوفاء، وللتاريخ لحظاته الفارقة، التي تبقى محفورة في ذاكرة الأيام، تتداوله الأجيال جيلاً إثر جيل، ويعلو ذكره كلما تقادمت الحقب، وتوالت السنوات..
وبقدر ما تكون عظمة الحدث المسطور في أضابير التاريخ القديم، وتأثيره المتواتر والمستمر على الحاضر، بقدر ما تكون الذاكرة حفيّة به، ضنينة بنسيانه، قمينة بإعلاء ذكره.. رجال أشداء وحّدوا أمّة بعد أن تشظّت فرقًا، وتناثرت بددًا، وذهب ريحها في أطواء الاحتراب، والتمزّق، فمن يستطيع أن يلمّ هذا الشعث المتناثر، والقلوب المتنافرة، والمقدرات الضائعة سدّى، ويصنع من ذلك وطنًا يتسامق وعيًا بالتوحيد، ويرسم خطوط تنميته بالعزم الماضي، والهمّة الواثبة، لجدير بالحفاوة والتقدير والاحترام.
ويؤسّس لدولة تقف اليوم على مصاف الدول الكبرى المتقدمة، لقمين بالوفاء ما تقادم الزمان وتطاول..
يوم التأسيس تأكيد أننا كنّا وما زلنا، أمّة ذات جذور راسخة، وحضارة مؤثّرة، وحاضر يانع ومورق، ومستقبل واعد بالخير في أضاميم الرؤية المؤتلقة.
وحقّ لأمّة بهذا السمات والمزايا أن تفخر وتباهي وتتيه إعجابًا بوطنها تاريخه، وقيادته وصنيعها.
إن لهذا القرار أبعاده الوضيئة التي يتوجّب علينا أن نقف عندها مليًّا، ونستذكرها برويّة ومكث، ونستنطق ما تستبطنه من معانٍ وأحداث.
نتذكر في هذا اليوم الأغر الآباء المؤسّسين، الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل وحدة هذه البلاد، منذ عهد الإمام محمد بن سعود قبل ثلاثة قرون، وبداية تأسيسه للدولة السعودية الأولى وعاصمتها الدرعية، وما أرسته من الوحدة والأمن في الجزيرة العربية، بعد قرون من التشتت والفرقة وعدم الاستقرار، وصمودها أمام محاولات القضاء عليها، ليأتي من بعده الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود ليؤسس الدولة السعودية الثانية، ويريد الله الخير لهذا الوطن وأهله، فقيّض له الملك عبدالعزيز ليؤسس الدولة السعودية الثالثة ويوحدها باسم المملكة العربية السعودية.
وهنا تتجلى كل معاني الوفاء لهذه الذكرى الغالية وربط الأجيال بعضها ببعض، في سياق متصل من ذاكرة متّقدة لا تنسى تاريخها، ولا تتجاهل منجزات من رحلوا، ليكون الوفاء ديدن كل فرد في هذه البلاد المباركة، وتاريخ أمتنا حاضر في ذاكرة الأجيال يرويه كل جيل لمن يليه في معرض المفاخرة، والتأكيد على رسوخ قدمنا في الحضارة الإنسانية.
وشحن الحاضر بطاقة العطاء المتجدد لينجزوا فروض النهضة والتقدم في ظلّ «رؤية المملكة 2030»، التي تمثل انعطافة جديدة في حاضر وطننا ومستقبله.
نرفع أسمى آيات الحب والتقدير لقيادتنا الحبيبة وللشعب السعودي الكريم بهذه الذكرى الغالية على قلوبنا جميعًا. وكل عام ووطنا في تقدم ونماء في ظل قيادته الأمينة، ورؤيته البديعة.
نقول للدنيا وللعالم من حولنا استطعنا أن نجعل من أيامنا وحاضرنا ومستقبلنا أيقونة عزم ومجد وبطولة مكانها فوق هام السحب..
وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.