إيلاف من باريس: دخلت العلاقات الفرنسية - الجزائرية منعطفاً جديداً من التوتر إثر رفض السلطات الجزائرية استقبال مواطنها المطرود من فرنسا،المؤثر الجزائري المعروف بـ "دوعالمن".
وأثار هذا التصرف استياء وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو، الذي اعتبر الأمر محاولة "لإذلال فرنسا"، مؤكداً أن بلاده "لا تستطيع تحمل هذا الوضع".
وبدأت الحادثة عندما جرى توقيف دوعالمن، البالغ من العمر 59 عاماً، في مدينة مونبلييه الفرنسية بعد نشره مقطع فيديو على منصة "تيك توك" يُشتبه في احتوائه على "تحريض على الكراهية". وبعد وضعه في مركز احتجاز إداري في مدينة نيم، نُقل إلى طائرة يوم الخميس بهدف ترحيله إلى الجزائر. لكن السلطات الجزائرية رفضت استقباله وأعادته إلى فرنسا في نفس اليوم، رغم حيازته جواز سفر بيومتري صالح.
وصرّح ريتايو: "أصدرت قرار طرد، لكن السلطات الجزائرية رفضت السماح له بالنزول على أراضيها، وهو تناقض صريح مع القواعد المتعارف عليها". وأضاف الوزير: "تم تقديم عدد من الحجج القانونية لرجال الشرطة الذين رافقوه، لكن لم يتم تقديم دليل قانوني واضح".
أبعاد دبلوماسية متصاعدة
تشير هذه الحادثة إلى تفاقم التوتر في العلاقات بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بملف المهاجرين المطرودين. وقال ريتايو في تصريحاته: "وصلنا مع الجزائر إلى مستوى مقلق للغاية"، مشيراً إلى أن فرنسا ستبحث "جميع الوسائل المتاحة للدفاع عن مصالحها".
ويأتي هذا التوتر في سياق أزمة أوسع تشمل ملفات حساسة أخرى، أبرزها موقف فرنسا الأخير من قضية الصحراء المغربية. فقد أعادت باريس صياغة موقفها لتأييد سيادة المغرب على الصحراء، ما أدى إلى تقارب مع الرباط وزاد من حدة الخلاف مع الجزائر التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب منذ عام 2021.
قضية بوعلام صنصال تزيد تأزيم الوضع
كما تصاعدت الانتقادات الفرنسية تجاه الجزائر بسبب استمرار احتجاز الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال منذ نوفمبر الماضي بتهمة المساس بأمن الدولة، على الرغم من حالته الصحية المتدهورة. وصرّح ريتايو معلقاً: "هل يمكن لدولة كبيرة أن تفتخر باحتجاز شخص مسن ومريض لأسباب واهية؟".
خيارات فرنسية قيد الدراسة
من المتوقع أن تعيد فرنسا النظر في سياساتها تجاه الجزائر، بما في ذلك ملفات التأشيرات والهجرة. ودعا وزير الداخلية إلى "مراقبة دقيقة" لعملية إصدار التأشيرات في القنصليات الفرنسية، مؤكداً أهمية تقليل عددها في إطار سياسة هجرة أكثر تقييداً. ويتوقع أن تتأزم علاقات البلدين أكثر بسبب التوتر الدبلوماسي، الذي يشبه كرة الثلج التي كلما تدحرجت كبر حجمها.