القدس: ينتظر وصول موفد إسرائيلي الجمعة إلى قطر في مسعى للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في وقت تستمر الحرب بلا هوادة مع تنفيذ القوات الإسرائيلية عمليات قصف جديدة على قطاع غزة المحاصر والمدمر.
وطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الخميس من رئيس جهاز الموساد التوجه إلى قطر بعد طرح حركة حماس "أفكاراً" جديدة لوضع حد للحرب التي اندلعت إثر هجوم غير مسبوق للحركة الفلسطينية على إسرائيل.
وينتظر وصول رئيس الموساد ديفيد برنيع إلى قطر الجمعة حيث يتوقع أن يلتقي رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أحد الوسطاء الرئيسيين في النزاع، على ما أوضح مصدر مطلع على المفاوضات.
وفيما لا تزال المباحثات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، تصطدم بمطالب الطرفين المتضاربة، ثمة مخاوف من أن يأخذ النزاع بعدا إقليميا مع التصعيد الحاصل عند الحدود بين لبنان وإسرائيل.
فمنذ بدء الحرب قبل نحو تسعة أشهر، يتبادل حزب الله اللبناني المؤيد لحماس، والجيش الإسرائيلي القصف بشكل يومي عبر الحدود، وتزداد حدته تبعاً للمواقف والتصريحات.
والخميس اطلق حزب الله أكثر من 200 صاروخ ومسيّرة "انقضاضية" على مقار عسكرية في شمال إسرائيل وهضبة الجولان المحتلة ردا على قتل إسرائيل الأربعاء قياديا كبيرا في الحزب.
ورد الجيش الإسرائيلي بضرب منشأتين لحزب الله في جنوب لبنان على ما أكد عبر تلغرام.
وقتل جندي إسرائيلي بإطلاق صاروخ على شمال إسرائيل على ما ذكر مصدر عسكري.
وقال نتانياهو خلال زيارة للمقر العام لسلاح الجو في تل أبيب "في الحملة القاسية على لبنان اعتمدنا المبدأ التالي: كل من يلحق بنا الأذى هو رجل ميت".
وردا على هجوم حركة حماس غير المسبوق داخل الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، تشن إسرائيل حملة عسكرية عنيفة على قطاع غزة الذي سيطرت عليه الحركة الإسلامية الفلسطينية في العام 2007.
ولحرب غزة تداعيات أيضا على الضفة الغربية المحتلة حيث أعلنت السلطة الفلطسينية مقتل خمسة فلسطينيين الجمعة في عملية عسكرية إسرائيلية في جنين.
إلى أين؟
أدى هجوم حماس في جنوب إسرائيل إلى مقتل 1195 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
ومن بين 251 شخصا خُطفوا خلال الهجوم، ما زال 116 محتجزين رهائن في غزة، من بينهم 42 لقوا حتفهم، بحسب الجيش الإسرائيلي.
على الإثر، تعهّد نتانياهو بالقضاء على حماس التي تعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل "إرهابية".
وأدى الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة حتى الآن إلى مقتل 38011 شخصا معظمهم من المدنيين، وفقا لبيانات وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس.
وبعدما تقدم إنطلاقا من الشمال، باشر الجيش الإسرائيلي عملية برية في مدينة رفح في أقصى جنوب القطاع في السابع من أيار (مايو)، قدمت على أنها المرحلة الأخيرة من الحرب.
إلا ان المعارك تجددت في الأسابيع الأخيرة في مناطق عدة سبق للجيش أن أعلن سيطرته عليها ولا سيما حي الشجاعية في شرق مدينة غزة في شمال القطاع حيث باشر الجنود الإسرائيليون عملية برية في 27 حزيران (يونيو).
وفي جنوب القطاع أصدر الجيش الاثنين اوامر إخلاء في شرق رفح وفي خان يونس ما يزيد المخاوف من عمليات عسكرية جديدة واسعة. وفر عشرات آلاف الفلسطينيين مرة أخرى في القطاع المدمر بحثا عن ماء وطعام وملجأ.
وقالت أم مالك النجار "غادرنا، لكن لا نعرف الى أين نذهب. الأمر صعب جدا. الطقس حار، ومعنا أطفال".
بالمجمل، يبلغ عدد النازحين من سكان قطاع غزة وفق الأمم المتحدة، 1,9 مليون شخص، أي 80 بالمئة من السكان.
وحذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس من أن نقص الوقود يشكل خطرا "كارثيا" على النظام الصحي في غزة,
وكتب على موقع التواصل الاجتماعي إكس مساء الخميس، أن "90 ألف لتر من الوقود فقط دخلت غزة أمس (الأربعاء)".
وميدانياً، أفاد الدفاع المدني في غزة بمقتل تسعة أشخاص، أربعة منهم "جراء استهداف الطيران الحربي الاسرائيلي منزلاً لعائلة البردويل في حي الدرج شرق مدينة غزة" فيما انتشل "جثمان الشهداء بسام خضر وزوجته وأبنائه الثلاثة بعد استهداف صاروخي اسرائيلي لمنزلهم بشارع غزة القديم في بلدة جباليا شمال قطاع غزة".
من جهته، قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن شخصا قتل واًصيب ثلاثة آخرون "في قصف من طائرة مسيرة اسرائيلية شرق مخيم جباليا شمال قطاع غزة". وأضاف أان مواطنا آخر قتل وأصيبت زوجته "في قصف صاروخي اسرائيلي استهدف منزلًا في بلدة بني سهيلا شرق مدينة خان يونس" .
واندلعت اشتباكات مسلحة وإطلاق نار كثيف بين مقاتلين فلسطينيين والجيش الاسرائيلي في المناطق الشرقية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة على ما أفاد مصدر في حماس، فيما أشار شهود إلى أن الجيش الاسرائيلي نسف مباني سكنية في الحي.
وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحماس في غزة بإطلاق نار وقصف مدفعي اسرائيلي بشكل متقطع استهدف شمال غرب مخيم النصيرات وسط القطاع.
كذلك أفاد شهود عيان ان الطيران الإسرائيلي استهدف منزلا غير مأهول في بلدة عبسان شرق مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة فضلا عن إطلاق قنابل الإنارة من قبل الجيش الاسرائيلي على المناطق الجنوبية الشرقية للمدينة.
واستهدف قصف مدفعي اسرائيلي منطقة النصر شمال شرق مدينة رفح، بالتزامن "مع توغل آليات الجيش في منطقة أبو حلاوة وأبو الحصين وأطراف منطقة النصر في شرق المدينة"، بحسب شهود عيان أيضا.
"يبقى عمل كثير"
والخميس أعلن مكتب نتايناهو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أبلغ الرئيس الأميركي جو بايدن "قراره إرسال وفد لمواصلة المفاوضات الهادفة إلى الافراج عن الرهائن" مشيرا في الوقت ذاته إلى أن "إسرائيل مصممة على ان تنهي الحرب فقط في حال تحقيق كل أهدافها".
وقال مسؤول أميركي كبير إنّ حماس طرحت مقترحات جديدة "قد تشكل الأساس الضروري للتوصل إلى اتفاق"، مع إقراره بأنّ "هذا لا يعني أنّ الاتفاق سيتمّ التوصل اليه خلال الأيام المقبلة"، لأنه "يبقى عمل كثير ينبغي القيام به حول بعض مراحل التطبيق".
ولطالما أكد نتانياهو أنه يريد الاستمرار في الحرب حتى القضاء على حماس والافراج عن كل الرهائن. في المقابل تشترط حماس وقفا نهائيا لإطلاق النار وانسحابا إسرائيليا كاملا من قطاع غزة.