زار مسؤولون أوروبيون كييف الثلاثاء في الذكرى السنوية العاشرة للتظاهرات المؤيدة للديموقراطية والغرب، وأكدوا مواصلة دعمهم لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي الذي بدأ قبل عامين تقريبا.
بعد زيارة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الاثنين لكييف حيث أعلن عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 100 مليون دولار تشمل معدات للدفاع الجوي، وصل وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال إلى أوكرانيا لطمأنة الأوكرانيين الذين يخشون منذ اندلاع النزاع بين إسرائيل وحركة حماس قبل شهر ونصف الشهر أن ينصرف اهتمام حلفائهم الغربيين عنهم.
وقال بيستوريوس الثلاثاء بعدما وضع إكليلًا من الزهر في ساحة ميدان بوسط كييف "أنا هنا مرة جديدة أولًا للتعهد تقديم مزيد من الدعم، لكن أيضا لأعرب عن تضامننا والرابط العميق الذي يجمعنا، وإعجابنا بالقتال الشجاع والمكلف الذي يتم خوضه هنا".
وبعد محادثات مع نظيره الأوكراني رستم أوميروف في كييف، كشف بيستوريوس عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 1,3 مليار يورو تشمل أربعة أنظمة دفاع جوي من طراز "ايريس-تي إس إل أم" وذخائر مدفعية.
من جهته، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال قبيل وصوله إلى أوكرانيا إن الهدف من زيارته "هو التعبير عن الدعم القوي للاتحاد الأوروبي" بالإضافة إلى الإعداد مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للقمة الأوروبية المقبلة في كانون الأول/ديسمبر حيث ستُناقش رغبة أوكرانيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
ومن المتوقع أن تطمئن هذه التصريحات كييف التي تخشى تراجعًا في التزام حلفائها من شأنه أن يفيد روسيا التي توجّه اقتصادها بالكامل نحو المجهود الحربي.
"النصر الأول"
وتتفاقم المخاوف الأوكرانية مع توجّه الاهتمام الدولي إلى الحرب بين إسرائيل وحماس وفي ظلّ انقسام الكونغرس الأميركي بشأن مواصلة تقديم المساعدات لأوكرانيا وانقسام الاتحاد الأوروبي حول المسألة نفسها.
وتأتي هذه المخاوف فيما فشل الهجوم الأوكراني المضاد الذي بدأ في حزيران/يونيو إلى حد كبير في تحرير الأراضي المحتلة في الشرق والجنوب. مع ذلك، تؤكد كييف أنها قادرة على الانتصار في حال استمر تدفق المساعدات العسكرية الغربية.
وتقول هيئة الأركان العامة الأوكرانية إنه تم تدريب ما لا يقل عن 100 ألف جندي أوكراني في الغرب وإن طيارين قد بدأوا يتدرّبون على قيادة طائرات إف-16 التي من المفترض أن يساعد تزويد أوكرانيا بها البلاد على مواجهة التفوق الجوي الروسي على الجبهة.
من جهته، ربط الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الثلاثاء الاحتجاجات التاريخية المؤيدة للديموقراطية في كييف قبل عقد، بغزو أوكرانيا، واصفًا التظاهرات في ساحة ميدان بأنها "النصر الأول" في الحرب مع روسيا.
أدّت الحركة الاحتجاجية المؤيدة لأوروبا والتي قُتل خلالها نحو مئة مدني في اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن في العاصمة الأوكرانية، إلى الإطاحة بالرئيس المدعوم من الكرملين فيكتور يانوكوفيتش.
بعد ذلك، قام الكرملين بدفع من فلاديمير بوتين الذي يعتبر الثورة انقلابًا دبّره الغرب لإضعاف روسيا، بضمّ شبه جزيرة القرم في العام 2014 وإشعال حرب انفصالية بشرق أوكرانيا.
بعد ثمانية أعوام على ذلك، شنّ في شباط/فبراير 2022 غزوًا واسع النطاق لأوكرانيا.
وحذّر زيلينسكي حلفاءه الغربيين من مغبة تقديم "تنازلات" لروسيا، قائلًا "إذا بدأ العالم المتحضّر (...) في تقديم أي تنازلات للطغاة، سنخسر جميعًا".
معركة دنيبرو
من جهتها، تواصل القوات الروسية ضرباتها على أوكرانيا.
قتل مدنيان في هجوم روسي بواسطة مسيرات وصواريخ طال مستشفى ومبنى في منجم للمعادن ومنشآت مدنية أخرى في شرق أوكرانيا، وفق ما أعلنت كييف الثلاثاء.
من جهته، يحاول الجيش الأوكراني تحقيق مكاسب على الضفة اليسرى لنهر دنيبرو التي يحتلها الروس بمنطقة خيرسون بجنوب أوكرانيا.
واستولى الجيش الأوكراني على مواقع على هذه الضفة ويقوم بتوسيعها منذ تشرين الأول/أكتوبر. وبحسب مراقبين مستقلين ومدونين عسكريين روس موالين للكرملين، واجهت القوات الروسية صعوبات في الردّ ولزمت السلطات الروسية الصمت لفترة طويلة بشأن الوضع.
لكن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو كسر هذا الصمت الثلاثاء، نافيًا أن تكون القوات الروسية تواجه صعوبات، مؤكدًا أن "كلّ عمليات الإنزال الأوكرانية" باءت بالفشل.
الأحد، أكّدت أوكرانيا أنها تمكنت من حمل الجيش الروسي على التراجع عدة كيلومترات في هذه المنطقة في أول مكسب لها بعد أشهر من مباشرتها هجوما مضادا.
وتتناقض تصريحات شويغو مع تصريحات مدونين روس مطّلعين ومؤيدين للكرملين.
وكتب حساب "ريبار" الذي يتابعه نحو 1,2 مليون حساب على تلغرام الثلاثاء أن القوات الأوكرانية على الضفة اليسرى لنهر دنيبرو استولت على منطقة غابات إضافية بالقرب من بلدة كرينكي وما زالت قادرة على التزود وقودا. وتحدث أيضًا عن عمليات قرب غولا بريستان.