: آخر تحديث
السلطات تحاول ترجمة التزامها بالطاقة المتجددة إلى واقع

الطاقة الشمسية في العراق ثروة غير مستغلّة بما يكفي

72
71
68

هزار ميرد (العراق): في قرية هادئة من قرى إقليم كردستان العراق، تغطي ألواح الطاقة الشمسية أسطح معظم المنازل، لكن هذا النموذج نادر في بلد لا يزال على السلطات فيه ترجمة التزامها بالطاقة المتجددة إلى واقع ملموس.
يعيش سكان العراق الغنيّ بالنفط والذي يعاني من تأثيرات التغير المناخي، البالغ عددهم 43 مليون نسمة بشكل يومي انقطاعاً متكرراً للكهرباء قد يصل إلى عشر ساعات، ويزيد الأمر سوءاً ارتفاع درجات الحرارة حتى الخمسين خلال الصيف.

ألواح للطاقة
في قرية هزار ميرد الجبلية الواقعة جنوب مدينة السليمانية، يخيّم الهدوء البعيد عن ضوضاء المدن الكبيرة مثل بغداد التي تطغى عليها أصوات المولدات الكهربائية المستخدمة لسدّ الحاجة انقطاع الكهرباء، لكنها شديدة التلويث وتعمل على الطاقة الأحفورية.

في هذه القرية، لجأ غالبية الأهالي أي 17 منزلاً من أصل 25، إلى نصب ألواح الطاقة الشمسية على أسطح منازلهم.

ويقول دانيار عبدالله أحد سكان القرية والبالغ من العمر 33 عاماً، "استرحنا كثيراً بعدما وضعنا منظومة الطاقة الشمسية...تغطي كل حاجاتنا، من ثلاجة وتلفزيون ومبردات هواء، وأجهزة المنزل من غسالة ومكنسة كهربائية خلال النهار".

وقد دفع هذا الأب لطفلتين 2800 دولار مقابل الألواح الشمسية في العام 2018.

ويضيف دانيار المنضوي في القوات الأمنية أنهم في السابق كانوا يستخدمون "مولداً كهربائياً، لكنه كان يتعطل دائماً"، فيما تصل مدّة انقطاع الكهرباء الحكومية عن القرية "إلى 12 و13 ساعة في اليوم".

وعلى غرار دانيار، "كثير من أصدقائي هرعوا لوضع منظومات طاقة شمسية في قرى أخرى"، كما قال.

"رفاهية"
مع ذلك، لا يزال الإقبال على الطاقة الشمسية ضعيفاً.

ففي السليمانية، ثاني أكبر مدن إقليم كردستان العراق، يوجد 600 ألف منزل مشترك في الكهرباء الوطنية، وضع 500 منها فقط منظومات طاقة شمسية، وفق المتحدث باسم مديرية كهرباء محافظة السليمانية سيروان محمد محمود.

لكن منذ عام 2021، لوحظ تصاعد في الإقبال على منظومات الطاقة الشمسية، عقب قرار لبرلمان الإقليم في 2021 يخفّض فواتير الكهرباء الوطنية لمستخدمي الطاقة الشمسية، وفق المسؤول.

ويعود هذا القرار بالفائدة خصوصاً على أصحاب الشركات التجارية الذين عادة ما تكون فواتيرهم أعلى من فواتير المنازل.

وأشار محمود إلى أن إقليم كردستان بشكل عام يطمح إلى بناء ثلاث محطات للطاقة الشمسية بطاقة 75 ميغاواطاً.

على العموم، يحتاج العراق الذي يعاني من تهالك في بنيته التحتية إثر عقود من النزاعات ومن فساد مزمن في الإدارات العامة، إلى أكثر من 32 ألف ميغاواط لتغطية حاجته، لكن محطات الطاقة الكهربائية في البلاد تنتج حوالى 24 ألف ميغاواط فقط.

على الرغم من هذه الحاجة، تظلّ الطاقة المتجددة غير مستغلة بما يكفي. ويتمتع العراق بأكثر من ثلاثة آلاف ساعة مشمسة من أصل 8700 ساعة في السنة. في الوقت نفسه، فإنّ "أكثر من 98% من كهرباء العراق" يتمّ إنتاجها بواسطة "الوقود الأحفوري"، وفق تقرير للبنك الدولي.

على المستوى الحكومي، يطمح العراق إلى تأمين ثلث إنتاجه الكهربائي من مصادر طاقة متجددة بحلول العام 2030. فقد وقّعت بغداد اتفاقات عدّة لبناء محطات طاقة شمسية، لا تزال تنتظر التحول إلى واقع ملموس.

وتسعى شركة "توتال إنرجيز" خلال عامين إلى تسليم "الجزء الأول" من مشروعها للطاقة الشمسية في العراق الذي تبلغ قدرته الإنتاجية ألف ميغاواط. كذلك وقّعت بغداد في العام 2021 مع شركة "مصدر" الإماراتية اتفاقاً لبناء خمس محطات طاقة شمسية بقدرة إنتاجية هي ألف ميغاواط.

"ثقافة"
ولتشجيع السكان على تركيب منظومات للطاقة الشمسية، أعلن البنك المركزي العراقي في 2022 عن تخصيص تريليون دينار (حوالى 750 مليون دولار) لتأمين قروض مدعومة للقطاع الخاص، تشمل المنازل والشركات الخاصة.

لكن بحسب محمد الدليمي الخبير في مجال الطاقة المتجددة ورئيس "مركز بغداد للطاقة المتجددة"فإن "هذا المشروع...متلكئ بسبب عدم تعاون المصارف".

يرى علي العامري المدير التنفيذي لشركة "كوكب للطاقة الشمسية" في العاصمة بغداد، أن هناك "غياب ثقافة" حول أهمية الطاقة الشمسية. هذا العام مع ذلك، كان هناك منحى تصاعدي، فقد نصبت شركته 12 منظومة ألواح للطاقة الشمسية.

وتبدأ الأسعار عند "4500 دولار" وفد تصل إلى "6 آلاف دولار"، وفق العامري.

من بين زبائنه، "أساتذة جامعات وأطباء" وكذلك منظمات إنسانية، وفق العامري، مشيراً إلى أن "عدداً كبيراً من المزارعين اعتمدوا الطاقة الشمسية في الأنبار والنجف".

وخلال السنوات الثلاث التي مرت على تأسيس الشركة، نفّذت الشركة 70 مشروعاً "أغلبها منازل"، في بغداد ومحافظة الأنبار (غرب) وجنوباً في البصرة والديوانية وفق العامري.

في أحد مواقع العمل، قال العامري وهو يتابع تثبيت 18 لوحاً للطاقة الشمسية على سطح أحد المنازل في بغداد، إن هذه "المنظومة ستؤمن 35 أمبيراً للمنزل"،وسنقدم ضماناً يمتد 15 عاماً لألواح الطاقة الشمسية.

على الرغم من ذلك، فإن الإمكانيات التي قد تنتظر العراق في هذا المجال ضخمة.

ويشرح علي الصفار الخبير في مجال الطاقة في مؤسسة روكفلر الأميركية أن "أسوأ موقع للطاقة الشمسية في العراق قادر على توفير موارد تفوق ثلثي أفضل موقع في ألمانيا".

وبفضل الطاقة الشمسية التي "توفر إمداداً رخيصاً ونظيفاً"، وفق الصفار، "ستكون لدى البلاد الفرصة لحل نقص الكهرباء الدائم مرة واحدة وإلى الأبد".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد