: آخر تحديث
اعتقلت 100 ألف عراقي بين 2003 و2009

هكذا تحاول السلطات الأميركية الإفلات من تعويض ضحايا انتهاكاتها في العراق

33
40
40
مواضيع ذات صلة

إيلاف من لندن: أُثيرت اتهامات للقوات الاميركية الاثنين بمحاولة الافلات من المساءلة والانصاف لضحايا انتهاكاتها في العراق وسط دعوات لوزير الدفاع والنائب العام الأميركيين للتحقيق في عمليات تعذيب تعرض لها الاف العراقيين.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الاميركية ان الحكومة الأميركية تقاعست عن تقديم التعويضات وإلانصاف للعراقيين الذين تعرضوا للتعذيب وغيره من الانتهاكات من قِبل القوات الأميركية في سجن أبو غريب في بغداد وغيره من السجون التي أدارتها الولايات المتحدة في العراق قبل عقدين.
واشارت المنظمة في تقرير لها اليوم تابعته "ايلاف" الى ان العراقيين الذين تعرضوا للتعذيب من قِبل عناصر أميركيين مازالوا بلا سبيل للحصول على الإنصاف أو الاعتراف من الحكومة الأميركية رغم أن آثار التعذيب أصبحت واقعا يوميا للعديد من الضحايا العراقيين وعائلاتهم.
واضافت انه في أغسطس/آب 2022، أصدرت وزارة الدفاع الأميركية خطة عمل لتقليص الضرر بالمدنيين في العمليات العسكرية الأميركية لكنها لا تتضمن أي طريقة لمنح تعويضات للمدنيين الذين تضرروا سابقا.
واوضحت انه بعد الغزو الأميركي للعراق في 2003، احتجزت الولايات المتحدة وحلفاؤها نحو 100 ألف عراقي بين عامي 2003 و2009.

الضحايا لم يحصلوا على اي تعويض
واكدت هيومن رايتس ووتش انها ومنظمات أخرى وثقت عمليات التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة على يد القوات الأميركية في العراق فيما قدم ضحايا الانتهاكات لسنوات شهاداتهم حول المعاملة التي تعرضوا لها، لكنهم لم يتلقوا سوى اعترافا ضئيلا من الحكومة الأميركية، ولم يحصلوا على أي تعويض برغم ان الحظر المفروض على التعذيب بموجب القانون المحلي الأميركي، و"اتفاقيات جنيف 1949"، و"اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"، والقانون الدولي العرفي، هو حظر مطلق.
وقالت رايتس ووتش انها قابلت بين أبريل/نيسان ويوليو/تموز 2023، المعتقل السابق في سجن أبو غريب طالب المجلي، بالإضافة إلى ثلاثة أشخاص على علم باحتجازه وقضيته بعد إطلاق سراحه، ورغبوا في عدم الكشف عن هويتهم.
كما قابلت أيضا محاميا عسكريا أمريكيا سابقا عمل في بغداد العام 2003، وعضوا سابقا في "المفوضية العليا لحقوق الإنسان" العراقية، وممثلين عن ثلاث منظمات غير حكومية تعمل في مجال التعذيب وايضا راجعت تقارير إعلامية وتقارير غير حكومية، وكذلك وثائق حكومية أميركية بما فيها تحقيقات وزارة الدفاع الأميركية في إساءة معاملة المحتجزين.
في مايو/أيار، قال المجلي لـ هيومن رايتس ووتش إن القوات الأميركية عرضته للتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة، بما فيها الإذلال الجسدي، والنفسي، والجنسي أثناء احتجازه في سجن أبو غريب بين نوفمبر/تشرين الثاني 2003 ومارس/آذار 2005.

 اعتقال آلاف الرجال والنساء والأطفال
ونوهت المنظمة الى انه اثناء الاحتلال الأميركي للعراق من 2003 إلى 2011، احتجزت السلطات آلاف الرجال، والنساء والأطفال في سجن أبو غريب.
وقالت "أورد في تقرير أصدرته اللجنة الدولية للصليب الأحمر في فبراير/شباط 2004 موجه إلى التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة، أن عناصر من المخابرات العسكرية أخبروا اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن نحو 70 إلى 90% من المحتجزين لدى قوات التحالف في العراق في العام 2003 اعتُقلوا عن طريق الخطأ".
وقد كتبت هيومن رايتس ووتش إلى وزارة الدفاع الأميركية في 6 يونيو/حزيران 2023، توضح فيها قضية المجلي، وتقدم نتائج البحث، وتطلب معلومات عن تعويض ضحايا التعذيب في العراق وبرغم طلبات المتابعة المتكررة فانها لم تتلق أي رد.


جنود أميركيين يمارسون التعذيب على المعتقلين العراقيين في سجون العراق(أرشيفية)

20 عاما من التنصل الأميركي
في 2004، اعتذر الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش عن "الإذلال الذي عاناه السجناء العراقيون" في أبو غريب. وبعد فترة وجيزة، قال وزير الدفاع رونالد رامسفيلد لـ"الكونغرس" إنّه وجد طريقة قانونيّة لتعويض المعتقلين العراقيين الذين عانوا "الانتهاكات والقسوة الأليمة والوحشية على أيدي عدد قليل من أفراد القوات المسلحة الأمريكية. هذا ما يجب فعله، وأنا عازم على أن أراه يتحقق".
لكن هيومن رايتس ووتش اكدت انها لم تجد أيّ دليل على أنّ الحكومة الأميركيّة دفعت تعويضات أو قدمت أي سُبل انتصاف أخرى إلى السجناء ضحايا الانتهاكات في العراق، كما لم تقدم الولايات المتحدة أي اعتذارات أو أشكال جبر أخرى فرديّة.
وقالت المنظمة انها لم تتمكن من العثور على أدلّة علنية تثبت دفع مبالغ بموجب هذا القانون كتعويض عن الانتهاكات التي تعرّض لها السجناء، بما يشمل التعذيب.
وفي 2007، حصل "اتحاد الحريات المدنيّة الأميركي" على وثائق تتضمّن تفاصيل حول 506 مطالب قُدِّمت بموجب قانون المطالبات الأجنبيّة – 488 منها في العراق و18 في أفغانستان. تتعلق أغلب هذه المطالب بأضرار ووفيات ناتجة عن إطلاق النار وحوادث المواكب والعربات.
وبينت ان وزارة الدفاع الأميركية ام ترد على طلبات متكررة للحصول على معلومات حول ما إذا كانت الحكومة الأميركيّة قد دفعت تعويضات بموجب قانون المطالبات الأجنبيّة أو أي تعويضات أخرى للضحايا أو أسر أولئك الذي ماتوا بسبب الانتهاكات أثناء الاحتجاز في العراق.

 
لا تعويضات عن الممارسات اللا انسانية
وقد جاء في مذكّرة قدمتها الولايات المتحدة إلى "لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة" في مايو/أيار 2006 أنّ 33 سجينا، 28 منهم من العراق، قدموا حتى ذلك التاريخ إلى الجيش الأميركي طلبات تعويض.
وأكّدت المذكّرة أنّه "لم تُقدم أي تعويضات حتى اليوم، لكن تمّ عرض إمكانية التعويض في حالتين" .. فيما لم تحتوِ المذكرات اللاحقة إلى لجنة مناهضة التعذيب أيّ تحديثات لهذه الأرقام، ولم تُحدّد ما إذا صُرفت أي مبالغ.
تجدر الإشارة إلى أنّه، وفقا للوثيقة، لم يُدرج أيّ من المبلَغَيْن الموصى بهما على أنه تعويض عن التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

حصانة للقوات الاميركية
حاول عراقيون آخرون الحصول على العدالة في محاكم أميركية، لكنّ وزارة العدل دأبت على رفض هذه المطالب باستخدام قانون يعود إلى سنة 1946 يوفّر حصانة للقوات الأميركيّة "من أي مطالبات ناشئة عن أنشطة قتاليّة للقوات العسكريّة أو البحريّة أو خفر السواحل في وقت الحرب".
وقد فتحت "إدارة التحقيقات الجنائيّة التابعة للجيش الأميركي" ما لا يقلّ عن 506 تحقيقات في انتهاكات مزعومة من قبل القوات الأميركيّة وقوات التحالف الأخرى في العراق بين 2003 و2005، وفقا لوثيقة صادرة عن وزارة الدفاع راجعتها هيومن رايتس ووتش. تضمّنت الوثيقة تفاصيل عن تحقيقات في 376 حالة اعتداء، و90 حالة وفاة، و34 حالة سرقة، وست حالات اعتداء جنسي يُزعم أنّ القوات الأميركيّة وقوات التحالف ارتكبتها.
واشارت هيومن رايتش ووتش الى ان هذه التحقيقات الجنائيّة التي أجراها الجيش الأميركي تعطي صورة واضحة عن حجم ونطاق الانتهاكات داخل السجون الخاضعة للقوات الأميركية في العراق وبعض القضايا البارزة – مثل مقتل مناضل الجمادي – ومئات حالات الانتهاك الأخرى التي لم تتصدّر العناوين، معروضة مع وصف طبي لأفعال العنف.
تضمّنت التحقيقات مزاعم تتعلق بـ 225 اعتداءً واعتداءً جنسيا في منشآت تحت السيطرة الأميركية، شملت ما لا يقلّ عن 318 ضحيّة محتملة و426 جانيا مزعوما وفي 38 من هذه التحقيقات، تمّ تأكيد المزاعم أو التوصلّ إلى إدانة المتهم.

دعوة وزير الدفاع الى تحقيق
وقالت سارة ياغر مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في واشنطن "بعد مرور 20 عاما، لا يزال العراقيون الذين تعرضوا للتعذيب على يد عناصر حكوميين أميركيين بدون سبيل واضح لرفع دعوى أو الحصول على أي نوع من الإنصاف أو الاعتراف من الحكومة الأميركية حيث يشير المسؤولين الاميركيين إلى أنهم يفضلون وضع التعذيب خلفهم، لكن الآثار الطويلة الأمد للتعذيب ما تزال واقعا يوميا للعديد من العراقيين وعائلاتهم".
ودعت ياغر وزير الدفاع والنائب العام الأميركيين الى التحقيق في مزاعم التعذيب وغيره من أشكال الانتهاكات بحق الأشخاص الذين اعتقلتهم الولايات المتحدة في الخارج أثناء عمليات مكافحة التمرد المرتبطة بـ ̕الحرب العالمية على الإرهاب̔ التي تشنها.
وشددت على السلطات الأميركية بضرورة بدء الملاحقات القضائية المناسبة ضد أي شخص متورط، مهما كانت رتبته أو منصبه .. منوهة على ان عليها كذلك على تقديم التعويضات والاعتراف والاعتذارات الرسمية إلى الناجين من الانتهاكات وعائلاتهم".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار