يشارك ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في حفل استقبال المملكة العربية السعودية الرسمي لترشح الرياض لاستضافة الحدث العالمي "إكسبو 2030".
ويعقد هذا الحفل في العاصمة الفرنسية باريس بحضور ممثلي 179 دولة من أعضاء المكتب الدولي للمعارض – المنظمة المسؤولة عن معرض إكسبو الدولي، بهدف التعريف بإمكانيات الرياض وقدرتها وخططها المدروسة لاستضافة معرض إكسبو 2030، وذلك لدعم مسار التصويت لاختيار المدينة التي من المقرر أن تستضيف فعاليات إكسبو الدولي 2030 على أرضها، وذلك في اجتماع عقده الجمعية العمومية للتصويت في نوفمبر المقبل من العام الجاري.
زخمٌ إعلامي
وقد اكتسبت مشاركة الأمير محمد بن سلمان في هذا الحفل زخما إعلاميا كبيرا خصوصا على مستوى الصحف الفرنسية التي ذكرت وفقا لميشيل أبو نجم مراسل صحيفة الشرق الأوسط الذي كتب يقول ان صحيفة «لو موند» المستقلة ذكرت أن استضافة الرياض للمعرض الدولي «ستكون واجهة رائعة لإظهار التحولات التي تشهدها السعودية للعالم أجمع».
وأضافت الصحيفة أن ولي العهد أطلق في إطار «رؤية 2030» مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية لتنويع الاقتصاد، منوهة بالبعثة الكبيرة التي ترافقه من الوزراء ورجال الأعمال.
في حين رأت صحيفة «لو فيغارو» أن حضور ولي العهد يبين «الأهمية التي تعلقها المملكة على هذا الحدث»، مضيفة أن الأمير محمد بن سلمان «يتابع شخصيا هذا الملف» وأنه يريد من وجوده في باريس الالتقاء بأكبر عدد ممكن من القادة الدوليين، وخصوصا الأفارقة للترويج لترشيح الرياض.
سلامٌ حار بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان
قمة تناقش أزمات الاقتصاد والمناخ والطاقة
ولم يتركز اهتمام الصحف الفرنسية فقط على مشاركة ولي العهد السعودي في ترشح المملكة لاستضافة المعرض العالمي. اذ ركزت لوفيغارو أيضا على مشاركة الأمير محمد بن سلمان، إلى جانب 49 رئيس دولة وحكومة وكبار مسؤولي المنظمات الدولية والإقليمية وعلى رأسهم أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في "القمة الفرنسية للتحالف المالي والعالم الجديد".
وتهدف هذه القمة التي ستُعقَد في قصر برونجنيارت، إلى مناقشة تداعيات أزمات الاقتصاد والمناخ والطاقة وما يترتب عليها، خصوصًا في البلدان النامية، كما يتم طرح الحلول المالية لهذه الأزمات للنقاش.
كما ومن المقرر أن تتضمن القمة عدة فعاليات تتمثل في: 50 حدثًا جانبيًا، و6 موائد مستديرة، وأكثر من 300 ممثل لدول ومنظمات دولية والمجتمع المدني.
كما يشارك فيها أكثر من 120 منظمة غير حكومية وائتلاف المنظمات غير الحكومية، وأكثر من 40 منظمة دولية، وأكثر من 100 رئيس دولة وحكومة، بالإضافة إلى ما يزيد عن 70 من شركاء القطاع الخاص والعاملين في مجال الجمعيات الخيرية.
وستكون لمشاركة ولي العهد في القمة من أجل ميثاق مالي عالمي جديد تأثير ملموس في المساعي الرامية إلى إيجاد بديل للنظام المالي، الذي ظل سارياً منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها.
مكانة دولية
وذكرت صحيفة «لو موند» ان زيارة الأمير محمد إلى باريس سلطت الضوء على الدور المتعاظم الذي أخذ يحتله إقليميا ودوليا، والسياسة المستقلة التي ينتهجها مثلا إزاء الولايات المتحدة الأميركية وكتبت ان الأمير محمد بن سلمان يعي أن دوره أصبح مركزيا ولا يمكن الالتفاف عليه وهو ينتهج سياسة غرضها الترويج للمصالح الاقتصادية للمملكة السعودية ولرؤية 2030 التي تُشكِّل استراتيجيته لما بعد البترول.
ونقلت الصحيفة، في تصويرها للدور الذي أخذت المملكة السعودية تلعبه، عن خبير لم تسمه، تأكيده أن لا شيء في الشرق الأوسط يمكن أن يتم من غير السعودية وبالتالي من المهم لباريس التواصل مع ولي العهد.
الوقت المناسب
وفيما يتعلق باجتماع الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اكدت صحيفة لوموند ان التشاور بين الرئيس الفرنسي مع ولي العهد السعودية وولي العهد لا يقتصر على شؤون الشرق الأوسط، بل يتناول الشأن الدولي حيث تحتل الحرب الأوكرانية نقطة الثقل.
وفي هذا السياق، تلفت الصحيفة النظر إلى أن الرئيس ماكرون يسعى لإقناع السعودية باستخدام نفوذها لدى روسيا لبلورة مخرج من الحرب الدائرة يحفظ سيادة وسلامة أوكرانيا باعتبار أن الرياض تُعد من العواصم القليلة في العالم التي تتحدث إلى الطرفين الروسي والأوكراني. وسبق للرئيس ماكرون أن رحب بقيام السعودية بدعوة الرئيس الأوكراني للتحدث إلى القادة العرب بمناسبة قمة جدة.
وكانت باريس قد وضعت طائرة رسمية بتصرف زيلينسكي نقلته إلى جدة ومنها إلى هيروشيما في اليابان، حيث عقدت قمة مجموع السبع.
وتشدد لو موند على الأهمية التي توليها باريس لنهج الرياض السياسي والاقتصادي وحرصها على تأكيد دعمها له، وهو ما برز في البيان الذي صدر عن قصر الإليزيه.
الملف اللبناني
ومن الملفات التي كانت موضع نقاش يبرز الملف اللبناني وأهميته وذلك على خلفية الفراغ على رأس مؤسسات الدولة اللبنانية ومخاطر المزيد من التفكك الذي سيصيبها في حال استمرار الوضع على حاله. وأفادت تقارير صحافية بأن الملفات الأخرى مثل عودة سوريا إلى الجامعة العربية والتطبيع الحاصل معها والسياسة الإيرانية في الإقليم وما تتوقعه الرياض من مسارها الجديد إزاء طهران وتبعاته، لم تكن بالضرورة موضع قراءة متطابقة بين الطرفين. ما يعني، في نظر مصادر فرنسية، أن الأمير محمد بن سلمان يأخذ بعين الاعتبار مصالح بلاده بالدرجة الأولى وهو النهج الذي يتبعه فيما يخص النفط وإنتاجه وتسويقه.
بيد أن هذا التمايز ليس له تأثير على التقارب بين العاصمتين السعودية والفرنسية، والدليل على ذلك ما ورد في البيان الصادر عن الإليزيه وفيه «إعادة تأكيد فرنسا على التزامها بأمن واستقرار المملكة وجاهزيتها في مواكبة تعزيز قدراتها الدفاعية»
مونت كارلو
ومن جهة اخرى ركزت إذاعة مونت كارلو على زيارة ولي العهد
السعودي الى فرنسا مشيرة الى انه يبدو أن الأمير محمد بن سلمان اختار الوقت المناسب لعرض مشاريع المملكة المستقبلية والترويج لها من باريس، مضيفة أنه على الرغم من التوجه الذي اتخذته الرياض بشكل متزايد نحو الشرق ،تظل باريس شريكا تجاريا مهما.
ونقلت الإذاعة الفرنسية العريقة عن مارك لوفاغني المختص في شؤون الشرق الأوسط قوله ان ماكرون يبحث عن مستثمرين أجانب لمساعدة فرنسا في الأزمة الراهنة، كما أن باريس تسعى لضمان الأسواق الخارجية خاصة ما يتعلق ببيع الأسلحة.