باريس: واصل الطلاب الإيرانيون احتجاجهم فيما أضرب أصحاب متاجر السبت، على الرغم من اتساع حملة القمع وفقاً لتقارير نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الوقت الذي دخلت فيه التظاهرات على أثر وفاة مهسا أميني أسبوعها الثامن.
وتشهد الجمهورية الإسلامية احتجاجات اندلعت بعد وفاة أميني عن عمر 22 عاماً، بعد ثلاثة أيام على اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق التي اتهمتها بانتهاك قواعد اللباس الصارمة للنساء في البلاد.
وتبنّت القوات الأمنية إجراءات جديدة لوقف الاحتجاجات في جامعات العاصمة طهران السبت، عبر تفتيش الطلاب وإجبارهم على إزالة أقنعة الوجه، حسبما أفاد ناشطون.
لكنّ الطلّاب شوهدوا يتظاهرون ويهتفون "أنا امرأة حرة، أنتم المنحرفون" في جامعة آزاد الإسلامية في مشهد شمال شرق إيران، في مقطع فيديو نشرته هيئة "بي بي سي فارسي".
كذلك، هتف طلاب في جامعة غيلان في مدينة رشت الشمالية "الطالب يموت، لكنّه لا يقبل الإذلال"، حسبما أظهر فيديو نشره ناشط على الإنترنت. ولم تتمكّن وكالة فرانس برس على الفور من التحقّق من مقاطع الفيديو.
"إضراب واسع"
وفي مدينة قزوين، سُمع العشرات يُطلقون هتافات مشابهة في مراسم عزاء لمناسبة مرور 40 يوماً على وفاة المتظاهر جواد حيدري.
من جهتها، قالت منظمة "هينكاو" الحقوقية التي تتخذ من النروج مقرّاً إنّ الناس تحدّثوا عن "إضراب واسع" في بلدة سقز مسقط رأس أميني الواقعة في محافظة كردستان، حيث أٌغلقت المحال التجارية.
وأظهر مقطع فيديو بثّته قناة "مانوتو" التلفزيونية التي تبثّ خارج البلاد والمحظورة في إيران، طلاّباً محبوسين داخل جامعة آزاد الإسلامية في شمال طهران.
قالت منظمة حقوق الإنسان في إيران التي تتخذ من أوسلو مقرّاً، إنّ 186 شخصاً على الأقل قُتلوا على يد القوات الأمنية خلال حملة القمع، أي بزيادة عشرة أشخاص منذ الأربعاء.
وأضافت المنظمة أنّ 118 شخصاً آخرين لقوا حتفهم في احتجاجات منفصلة منذ 30 أيلول/سبتمبر في سيستان بلوشستان، وهي مقاطعة تقطنها غالبية سنية في جنوب شرق البلاد، على الحدود مع أفغانستان وباكستان.
قمع الاحتجاجات
واعترف مسؤول في محافظة كرمان أنّ السلطات تواجه مشكلة في قمع الاحتجاجات، التي اندلعت لأول مرّة بعد وفاة أميني في 16 أيلول/سبتمبر.
ونقلت وكالة "إسنا" الطلابية الإيرانية عن رحمن جليلي المسؤول السياسي والأمني في المحافظة قوله "القيود على الإنترنت واعتقال قادة الشغب ووجود الدولة في الشوارع، تقضي دائماً على الفتنة، لكنّ هذا النوع من الفتنة وجمهورها مختلفان".
وقالت منظمة العفو الدولية إن حوالى 10 أشخاص، بينهم أطفال، قُتلوا الجمعة في اشتباكات في سيستان بلوشستان، على أيدي قوات الأمن في مدينة خاش.
وندد مولوي عبد الحميد رجل الدين الذي يؤم صلاة الجمعة في زاهدان عاصمة سيستان بلوشستان، في بيان بحادث خاش ووصفه بأنه "مذبحة" مشيراً إلى أنها أودت بحياة 16 شخصاً.
وأظهرت مقاطع فيديو تحقّقت منها وكالة فرانس برس أشخاصاً يركضون بحثاً عن مكان يحتمون فيه، وذلك في الوقت الذي سُمع فيه دوي طلقات نارية على طريق في خاش وكذلك في زاهدان.
مؤامرة مدبرة
سعت إيران لتصوير حركة الاحتجاج على أنها مؤامرة دبرتها عدوتها اللدود الولايات المتحدة.
فقد ندّد الرئيس إبراهيم رئيسي الجمعة بتصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن الذي تعهّد "تحرير" إيران.
وقال بايدن الخميس أثناء مشاركته في حملة للانتخابات النصفية "لا تقلقوا، سنحرّر إيران. (الإيرانيون) سيحرّرون أنفسهم قريباً جداً".
وردّ رئيسي بالقول إنّ إيران تحرّرت بالفعل بعد الإطاحة بالشاه المدعوم من الغرب في العام 1979.
وقال في خطابه إلى الآلاف الذين تجمّعوا أمام المقر السابق للسفارة الأميركية وسط طهران لإحياء ذكرى اقتحام السفارة في العام 1979 من قبل طلاب مؤيدين للإمام روح الله الخميني، واحتجاز 52 رهينة "شبابنا وشاباتنا مصمّمون ولن نسمح لك أبداً بتنفيذ رغباتك الشيطانية".
وقلّل المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي الجمعة من شأن تصريحات بايدن. وقال للمراسلين "كان الرئيس يعرب عن تضامننا مع المحتجّين كما كان يفعل، بصراحة تامّة، منذ البداية".
وردّاً على سؤال عمّا إذا كانت إدارة بايدن تعتقد أنّ النظام الإيراني يمكن أن يسقط قريباً، قال "لا أظنّ أنّ لدينا مؤشرات من هذا النوع".
"جهات سيئة"
الجمعة، أقرّت أكبر منصّة للعملات المشفّرة في العالم "بايننس" (Binance) بأنّ أموالاً تخصّ إيرانيين أو مخصّصة لهم قد تدفّقت عبر خدمتها، وربما تتعارض مع العقوبات الأميركية.
وقال شاغري بوراز، المسؤول عن العقوبات في "بايننس"، "في وقت سابق من الأسبوع، اكتشفنا أن بايننس تفاعلت" مع "جهات سيئة" تستخدم عمليات تبادل العملات المشفّرة الإيرانية.
وكتب على مدوّنة الشركة على الإنترنت أنّ بعض هؤلاء المستخدمين "سعوا إلى نقل العملات المشفّرة عبر منصّبة بايننس". وأضاف "بمجرّد أن اكشتفنا ذلك، انتقلنا إلى تجميد التحويلات (و) حظر الحسابات".
لا توجد منصّات عملات رقمية إيرانية خاضعة للعقوبات حالياً. لكنّ القيود التي تفرضها الولايات المتحدة تمنع كياناً أو مواطناً أميركياً من بيع السلع والخدمات للمقيمين في إيران أو للشركات والمؤسّسات الإيرانية. ويشمل الحظر الخدمات المالية.