مراكش: يرتقب أن يأخذ الكلمة خلال قمة الأطراف حول التغيّرات المناخية (كوب 22 ) بمراكش اليوم 210 شخصيات عالمية، بينهم 40 رئيس دولة و30 رئيس حكومة ووزراء وممثلون عن المنظمات متعددة الأطراف ومنظمات غير حكومية.
وتنعقد الجلسة الأولى من القمة صباح اليوم برئاسة العاهل المغربي الملك محمد السادس.
ومن أبرز المتحدثين في الجلسة الافتتاحية، إلى جانب العاهل المغربي، بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، وبتريسيا اسبينوزا، الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول التغيّرات المناخية.
ويوم غد الاربعاء، سيترأس العاهل المغربي قمة ثانية خاصة برؤساء دول وحكومات الدول الأفريقية من أجل تنسيق مواقفها وإسماع صوتها في المؤتمر العالمي للمناخ.
وسيصدر عن مؤتمر المناخ في اختتام أشغاله "نداء مراكش"، الذي سيتضمن مواقف وحلولاً لمختلف القضايا المطروحة على المؤتمر، إضافة إلى ايقاظ الهمم وإذكاء الحماس من أجل إنقاذ كوكب الأرض وضمان حياة أفضل للأجيال القادمة.
وتأتي قمة مراكش، عقب قمة باريس التي التأمت في ديسمبر من العام الماضي، والتي توجت بتوقيع اتفاق يهدف إلى الحد من ارتفاع حرارة الأرض في مستوى أقل من درجتين مئويتين.
وترك الاتفاق الحرية للدول الموقعة عليه، والبالغ عددها 197 دولة، لتحدد مساهماتها من أجل تحقيق هذا الهدف. ووضع الاتفاق كشرط لدخوله حيز التنفيذ أن تتم المصادقة عليه من طرف أزيد من 55 دولة تمثل حصة 55 في المائة من الانبعاثات الكاربونية المتسببة في ظاهرة الاحتباس الحراري. وفي 4 نوفمبر الماضي، أعلن رسميًا عن دخول الاتفاق حيز التنفيذ. وحتى يوم أمس، بلغ عدد الدول المصادقة على الاتفاق 109 دول.
غير أن العديد من الانتقادات توجه لاتفاقية باريس، وعلى رأسها اعتبارها غير ملزمة للأطراف الموقعة عليه، إضافة إلى عدم اشتمالها على آلية لمتابعة التنفيذ وقياس مدى احترام كل دولة لالتزاماتها.
ويقول نزار بركة، رئيس المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي المغربي ورئيس اللجنة العلمية لمؤتمر الأطراف كوب 22:"أغلب المساهمات التي قدمتها الحكومات لم تتضمن مشاريع ملموسة وبرامج محددة. وحتى إذا جمعنا الأثر المتوقع لكل هذه المساهمات فإننا سنبقى دون الهدف المحدد، لأنها ستعطي ارتفاعًا في حرارة المناخ يفوق 3 درجات في حين أن الهدف هو أن يقل الارتفاع عن 2 درجات". لذلك، يقول بركة، وضعت الرئاسة المغربية على رأس أولوياتها الرفع من مستوى التزامات الحكومة، وحثها على تقديم مشاريع وبرامج عملية. وأضاف بركة أن بلوغ الهدف المحدد يتطلب العمل على محورين، هما تعزيز القدرات والتمويل.
ومن أبرز النقاط التي بحثها المؤتمر تنفيذ وعد الدول المتقدمة بمنح 100 مليار دولار سنويًا في أفق 2020 كمساعدات للدول النامية، ويرتقب أن ينتهي المؤتمر بإعلان جدول زمني واضح لتعبئة هذا المبلغ ومساهمة الحكومات والمؤسسات المالية فيه.
المسألة الأخرى التي يبحثها المؤتمر هي اختلاف الأولويات بين الدول النامية المتضررة من التغيّرات المناخية، خاصة الدول الأفريقية والأرخبيلية، من جهة، والدول الصناعية المتقدمة، من جهة ثانية. ففيما تدعو الدول النامية إلى إعطاء الأولوية لسياسات التكيّف مع التغيرات المناخية، خاصة في المجال الزراعي الذي يشكل الركيزة الأساسية لاقتصاديات العديد منها، والمتضرر من الجفاف. تعتبر الدول الصناعية المتقدمة أن الأولوية في التمويلات والاستثمارات الخضراء يجب أن تعطى لسياسات تخفيض الانبعاثات. ووضعت الرئاسة المغربية ضمن أهدافها إحداث توازن بين التوجهين، وإبراز أهمية التكيف وتوجيه المزيد من الدعم والاستثمار والتمويل للسياسات المتعلقة به. وحسب المعطيات المتوفرة، لا يتجاوز نصيب التكيف حاليًا 15 في المائة من التدفقات المالية. وتسعى البلدان النامية خلال المفاوضات الجارية في إطار المؤتمر إلى رفع هذه الحصة إلى 30 في المائة.
النقطة الخلافية الأخرى تتعلق بسوق حصص الكربون. وتنظر الدول النامية إلى هذه السوق بنوع من الريبة والحذر. ويرى مفاوضو الدول النامية أن إنشاء سوق لحصص الكربون لن يكون في صالحهم، إذ سيكون بإمكان الدول الغنية شراء حصص الكربون من الدول النامية واستعمالها لأجل التغطية على توسعها الصناعي، في حين أن بيع هذه الحصص من طرف الدول النامية سيحرمها من إمكانيات التصنيع والتنمية.
وتعلق العديد من الآمال على قمة مراكش لإخراج العالم من دوامة تردي المناخ والبيئة وتحقيق نوع من العدالة البيئية، وتوازن بين الحق في التنمية والحق في البيئة. فمن جهة ، تعتبر الدول النامية أنها ضحية تلوث لا يد لها فيه، وأن على الدول المسؤولة عن التلوث أن تتحمل مسؤوليتها في تصحيح الأوضاع التي آل إليها المناخ والبيئة. في حين تعتبر الدول الصناعية أن على الجميع أن يكونوا متساوين في مواجهة آثار التغيرات المناخية. وسيكون على القمة أن تجد توازنًا بين التصورين النقيضين لمفهوم العدالة.