: آخر تحديث

السلاح النووي: من هيروشيما إلى مرسوم بوتين

12
9
9

بعد نجاح مشروع مانهاتن النووي وتجربة ترينتي في ميدان التجارب في نيومكسيكو في 16 تموز (يوليو) عام 1945، قامت الولايات المتحدة في 6 و9 من آب (أغسطس) 1945 باستخدام قنبلتين نوويتين ضربت بهما مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، بسبب رفض طوكيو تنفيذ إعلان مؤتمر بوتسدام 1945، الذي نصّ على أن تستسلم اليابان استسلاماً كاملاً وبدون أي شروط.

كانت النتائج كارثية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وربما أكثر؛ حيث فقد أكثر من 220 ألف شخص حياتهم بفعل التأثير الحراري والإشعاعي، وتم تدمير المدينتين تدميراً هائلاً مما دفع اليابان إلى الاستسلام. وما تلا ذلك من آثار إشعاعية على صحة الإنسان والبيئة كان مرعباً. من هول ذلك كانت تلك أول مرة وآخر مرة يُستخدم فيها السلاح النووي.

شكل السلاح النووي كابوساً مرعباً بعد ذلك، وبالذات أثناء حقبة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق. فاستحدثت الملاجئ والمخابئ النووية، ووقعت أزمات عالمية من أشهرها أزمة الصواريخ الروسية في كوبا عام 1962.

دخلت دول عدة سباق تسلح نووي محموم، وحصلت دول جديدة على تلك القدرات النووية. كما تطورت الأسلحة النووية التكتيكية والاستراتيجية وطرق تصنيعها ونقلها وتخزينها وتجهيزها ووسائل استخدامها في الجو والبر والبحر، وربما الفضاء. ومن هذه الوسائل تحويلها إلى رؤوس نووية محمولة على الصواريخ بعيدة المدى وتحميلها على الغواصات النووية القادرة على الاختباء في أعماق المحيطات والبحار.

ويضم النادي النووي الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، وبريطانيا. هذه الدول الخمس الكبرى تشكل مجلس الأمن وتستخدم حق النقض (الفيتو). يضاف إليها الهند، باكستان، كوريا الشمالية، وإسرائيل (بشكل غير مؤكد).

هناك خمس دول تم نشر أسلحة نووية أميركية على أراضيها هي تركيا، بلجيكا، إيطاليا، ألمانيا، وهولندا. كما أن بيلاروسيا لديها أسلحة نووية روسية.

هناك دول تستخدم الطاقة النووية لأغراض سلمية وأخرى تحاول امتلاك أسلحة نووية، مثل إيران، التي دخلت في صراع مع القوى الكبرى الغربية لوقف مشروعها.

وبسبب خطورة الأسلحة النووية والتخوف من انتشارها، تم إنشاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 1957 تحت إشراف الأمم المتحدة في العاصمة النمساوية فيينا. تهدف الوكالة إلى تشجيع الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، والحد من التسلح النووي، وممارسة الرقابة والتفتيش في الدول التي لديها منشآت نووية.

وُقعت معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية عام 1968، وبدأ تنفيذها عام 1970، ومددت عام 1985. آخر معاهدة وُقعت كانت عام 2016، وتهدف إلى الحد من انتشار الأسلحة النووية، ونزع السلاح النووي، وضمان الاستخدام السلمي للطاقة النووية.

ظهرت نظريات الردع، وهي أحد نظريات إدارة الصراع وفض النزاعات الدولية. تستند إلى الأدوات السياسية والعسكرية، ومنها «إستراتيجية الردع» في مجال التخطيط العسكري وتوازن القوى حسب مفهوم العلاقات الدولية.

ويلخص مفهوم الردع في استخدام أحد الأطراف التهديد لإقناع طرف آخر بالامتناع عن الشروع في إجراءات عدائية. يتم التهديد باستخدام القوة لكبح قوة الآخرين.  

عندما يتحقق لدولة ما التفوق في القوة، فإنها تستطيع فرض إرادتها على الدول الأخرى. ولا يكبح جماحها إلا قوة مضادة لها أو متفوقة عليها. تبنى على ذلك سياسة الردع أو الردع بالقوة، وفق سياسة الإكراه ذي المصداقية والدبلوماسية الجادة.  

وتقوم نظرية الردع النووي على التلويح باستخدام الأسلحة النووية لردع الدول الأخرى عن مهاجمتها بأسلحة تقليدية أو نووية. يتطلب الردع النووي الناجح أن تحافظ الدولة على قدرتها على الرد قبل تدمير أسلحتها أو عن طريق ضمان القدرة على الضربة الثانية.  

 

ولهذا طورت الدول النووية (الاستراتيجية النووية)، وهي استراتيجية تهتم بتطوير وإنتاج واستخدام الأسلحة النووية وهي فرع من الاستراتيجية العسكرية المتعددة حيث تحاول الاستراتيجية النووية مواءمة الأسلحة النووية كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية بالإضافة إلى الاستخدام الفعلي للأسلحة النووية سواء في الحروب أو بشكل استراتيجي كوسيلة ضغط أو أداة للمساومة. 

إقرأ أيضاً: السودان: صراع الضياع

 

 

وتبع ذلك استحداث العقائد النووية القتالية كفرع من العقائد العسكرية القتالية بناء على ما تمليه السياسات العسكرية والأوضاع الراهنة وتراجع بشكل دوري. ومن آخر العقائد النووية القتالية المحدثة (العقيدة النووية الروسية المحدثة) بموجب مرسوم وقعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتاريخ 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024 حيث تم توسيع قائمة الدول والتحالفات العسكرية التي تشملها سياسة الردع النووي الروسية وإضافة تهديدات عسكرية جديدة تتطلب اتخاذ تدابير نووية روسية للردع.

وفي ظل الأوضاع الدولية الراهنة أصبح من الواجب العمل على تهدئة الأوضاع العالمية المتوترة من أجل السلام والاستقرار على المدى القريب والبعيد للجميع وعلى المجتمع الدولي منع أي فعل أو ردة فعل من شأنه إنزلاق العالم نحو حرب عالمية ثالثة مدمرة وضرورة القيام بعمل دبلوماسي شامل وجاد لإيقاف كافة الحروب ومنها الحرب الروسية - الأوكرانية والحرب في الشرق الأوسط.

إقرأ أيضاً: تكريم عثمان العمير: إمبراطور الصحافة العربية

ومن مشروع مانهاتن المرعب إلى مرسوم بوتين النووي يعيش العالم رعب وإرهاب نووي متنامي وعلى الدول الكبرى والمنظمات الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن مسؤولية مضاعفة لتخفيف حدة النزاعات الدولية وتنقية الأجواء من الأزمات واللجوء للطرق السلمية والبديلة لحل النزاعات بدلاً العنف والحرب وعليها السعي لصنع وبناء وحفظ السلام العالمي لتحقيق السلم والاستقرار المنشود وفق مبادئ العيش المشترك الكريم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف