أكتب اليوم عن الإصلاحات التي نفّذتها المملكة العربية السعودية في قطاع التعدين، وانطلاقها بخطى متسارعة نحو ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للتصنيع، ونيتها بدء تطبيق المرحلة الثانية من قرار رفع نسب التوطين للمهن في القطاع الخاص.
تُقدَّر ثروات المملكة المعدنية غير المستغلة بأكثر من (9.4) تريليونات ريال، مما شجع الرياض على بناء شراكات عالمية راسخة في قطاع التعدين والمعادن. من الأمثلة الحالية، ارتفاع تقديرات قيمة الثروات المعدنية من (5) تريليونات ريال إلى (9.4) تريليونات ريال، وارتفاع عدد شركات الاستكشاف من (6) شركات في عام 2020 إلى (133) شركة في عام 2023. النتائج إيجابية، فقد خطت الرياض خطوات كبيرة في نهضة قطاع التعدين واستكشاف المعادن، وبلغ إجمالي الإنفاق على الاستكشاف (102) مليار ريال في عام 2024، بما يعكس التزام المملكة بتبني أحدث التقنيات والابتكارات، وتعزيز الاستثمارات في استكشاف الموارد المعدنية.
كذلك تنطلق السعودية بخطى متسارعة نحو ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للتصنيع والإنتاج، مستفيدة من شراكاتها وتحولاتها الاقتصادية الكبرى. أطلقت الرياض خلال السنوات الست الماضية مجموعة من السياسات والحوافز الفاعلة، أبرزها تعزيز المحتوى المحلي الذي أصبح اليوم أكبر محفز للاستثمار، والذي يمنح المستثمرين أولوية في السوق المحلية في المشتريات الحكومية أو عقود الشركات الكبرى. كذلك نشطت السعودية في تحويل جزء من صادرات البتروكيميائيات إلى صناعات ترتكز على أربع استراتيجيات وطنية؛ التوطين، والصناعة، والتعدين، واستراتيجية الصادرات. يجب أن أذكر هنا أن المملكة استثمرت في البنية التحتية للمدن الصناعية، بتطوير أكثر من 25 مليون متر مربع، إلى جانب إنشاء مصانع جاهزة ومدن مخصصة للتطوير والإنتاج.
بجانب حرص المملكة على التصنيع، لديها أيضاً اهتمام كبير ورغبة قوية لضمان توظيف المواطنين الأكفاء. على سبيل المثال، تعمل المملكة على تطبيق قرار رفع نسب التوطين لأربع مهن صحية في القطاع الخاص، وأقصد تحديداً التغذية العلاجية والعلاج الطبيعي بنسبة 80 بالمئة، والمختبرات الطبية بنسبة 70 بالمئة، والأشعة بنسبة 65 بالمئة. يأتي هذا القرار في إطار جهود الرياض لتعزيز مشاركة الكفاءات الوطنية في سوق العمل، حيث تم استحداث 65 ألف وظيفة جديدة محفزة ومنتجة للمواطنين والمواطنات في مختلف مناطق المملكة، نتج عنها تحوّل مستفيدو الضمان من الرعوية إلى الإنتاج.
أخيراً، أكدت السعودية على ضرورة بقاء شؤونها العامة يقِظة واستباقية ومتوازنة. إلا أن المخاطر ما زالت قائمة نتيجة للتغيرات السياسية الدولية، والذكاء الاصطناعي، والأطر المصرفية المتعارف عليها، وتسارع التطورات المختصة كأنظمة المدفوعات الرقمية الحديثة، ما يستلزم تعاونًا مشتركًا للحفاظ على الاستقرار والتنمية. ومن ضمن الأدلة على تميز الدول في التعامل مع المخاطر، اعتراف المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا هذا الأسبوع بأن السعودية تجذب بمهارة روح التعاون لـ191 دولة عضو في الصندوق. هكذا تطابق الرياض الفعل بالقول، وتكتسب بجدارة الثقة والمصداقية.