: آخر تحديث

الطلاق... ثورة على الظلم

1
1
1

الطلاق ليس دائماً نهاية مؤلمة، بل قد يكون في طيّاته خير كثير للطرفين. لم يَعد عيباً أن يرتفع صوت الألم مع قرار الطلاق، ذاك الذي كنا نحسبه بالأمس قراراً عصيّاً على القلوب. باتت النساء والرجال أكثر وعياً في اتخاذه حين تصبح الحياة مع الشريك عبئاً، لا مودّة فيها ولا رحمة.

على المطلقة أن تعيش حياتها من جديد بعيداً عن زوج لا يحمل أيّ بذرة من الوفاء، خاصةً إن تركت خلفها أطفالاً بعمر الورود. وفي هذه الحالة، ستتحمل الزوجة معاناة كبيرة تفوق طاقتها، في ظل الظروف الحالية، في سبيل تأمين أبسط مقومات معيشتهم. المعاناة تظل كبيرة ومؤسية.

طلاق المرأة من زوج سيّئ السمعة والصيت قد يكون بادرة نحو تجدّد الحياة واكتمالها بصورة مشرقة وصادقة مع زوج آخر، سبق أن ترك زوجة فيها كثير من الصفات السيئة. فالمرأة قد تكون فخورة بحياتها الزوجية الثانية، من إنسان يتوق إلى الاستقرار ويقدّر العلاقة الزوجية. وكثير من المطلقات كان الطلاق بالنسبة إليهن تجربة ناجحة في حياتهن، وليس فيه أيّ عيب أو خجل. إنها سُنّة الحياة.

وفي المقابل، هل طلاق المرأة يعني دفنها في الحياة، ونلجأ بالتالي إلى رميها في الشارع؟ لا، أبداً. المرأة المطلقة قد تكون ابنتك أو أختك، أو أمك، فهل في هذا ما يسيء إلى سمعة العائلة؟ بالتأكيد لا. فقد يكون الطلاق إنصافاً لها لأن تعيش حياتها من جديد، بعد تجربة فاشلة امتدت سنوات من القهر والحرمان واليأس.

فزواجها الأول من زوج سيئ الطباع يدفع المرأة إلى الخلاص منه بأي شكل كان، بعد أن تحملت أوجاعها لسنوات. وفي الوقت نفسه، قد يكون العيب في الزوجة ذاتها. على المطلقة أن تكون حاسمة في اتخاذ قرارها.

إقرأ أيضاً: ملكون ملكون: الصحافي الذي عشق الورق

الطلاق ليس عيباً، بل تجربة إنسانية قد تمنح النضج وتعزز الذات. إنه سُنّة من سُنن الحياة، لا يستوجب خجلاً ولا سُبّة. الطلاق، في أحيان كثيرة، هو العدل بعينه، والكرامة في أبهى صورها.

الزواج من رجل سيّئ الطباع، متلبّس بالتديّن الزائف، لا يرى في المرأة إلا تابعاً بلا حقوق، ولا يتردد في إهانتها بحجة الدين، هو جريمة مستترة. كثيرون من هؤلاء يتغنّون بالأخلاق، وهم غارقون في الرذائل، يرتادون بيوت الدعارة سرّاً، ويقدّمون أنفسهم شرفاء في العلن. وما أكثر ما عَرف الناس حقيقتهم، وإن تظاهروا.

الطلاق بالنسبة للمرأة ليس نهاية العالم، بل على العكس، بداية حياة جديدة حرة.. وأحيّي كل زوجة تعاني الظلم والقهر والذل والإهانة، وإبقائها في سجن كبير ـ في البيت ـ بذريعة الحفاظ على الشرف وحمايته، وتطلب الطلاق وبجرأة، بعيداً عن الخوف. فلا سبيل للزوجة، برأيي، سوى الخلاص من هذه الشريحة من الناس التي تفتقد لأبسط مقوّمات الحياة، إلا بمجابهة الحقيقة ورمي كل شيء وراءها، حفاظاً على كرامتها المهدورة.

هناك كثير من الزوجات، بنات عزّ ودلال، يتعرضن للإهانة بصورة دائمة، وهو انتقام يلجأ إليه الزوج بهدف إذلالها والخلاص منها، لدفعها إلى طلب الطلاق.

إقرأ أيضاً: حين تصبح العصافير أسرة

الطلاق ليس موتاً، بل ولادة ثانية. لا بد أن نحيّي كل امرأة اختارت كسر قيود الظلم والقهر، واختارت خلاصها من رجل حوّل البيت إلى سجن، باسم "الشرف" الزائف. كم من نساء متعلمات، ناجحات، ذوات أصل وعزّ، ذقن الهوان من رجال غيورين، فاشلين، لم يعرفوا طريق المدرسة، ولا اجتهدوا لبناء أنفسهم، فاختاروا إذلال زوجاتهم انتقاماً من عجزهم الشخصي.

الطلاق، في أغلبه، يشكّل وسام فرح للزوجة المظلومة، ولا ننكر في المقابل أن يكون السبب في طلاق الزوجة تصرفاتها السيئة حيال زوجها، وبسبب موقف تافه قد يلجأ الزوج إلى اتخاذ قراره الحاسم، فنراها تتعامل معه بأسلوب أحمق "جَلف". لكن لا ننكر أن بعض النساء قد يكنّ سبباً في فشل العلاقة: بتمارضها، وشكواها المستمرة، وتفضيلها أعمال البيت من مسح وتكنيس، على تقدير زوجها، ناهيك بالصوت العالي، والإهمال، وعدم احترام الشريك، والاستهانة بالمودّة. العلاقة الزوجية ليست فقط أدواراً يومية، بل هي دفء، وفهم، وتقدير.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.