: آخر تحديث

النص والعقل!

57
62
54
مواضيع ذات صلة

يقول الشيخ المصري التنويري محمد عبده :

اذا تعارض النص الديني مع العقل فلا بد أن نرجح رأي  العقل على النص.

وكما يعلم أغلبنا فإن العلم هو نتاج العقل.. مثلما الايمان نتاج القلب والمشاعر .

لذلك فالوقوف الى جانب العقل ضد تأويل النص لا يعني ان النص واخص النص القراني .. خطأ ، وانما تأويل النص ذاته قد يكون هو المشكلة والخطأ.

لذلك عندما يقول القرآن الكريم: والأرض مددناها .. قد يفسره البعض انه دليل على عدم كروية الارض، ولكن عندما نشاهد كروية الارض بشكل واضح وواقعي عبر الاقمار الصناعية التي تدور حول الأرض وهي نتاج علمي بحت، فاننا سنميل مع العقل بالطبع، دون ان نشكك في قدسية القرآن وانما في التأويل البشري للنص القرآنيفنجنب انفسنا الوقوع في فخ التناقض بين الواقع والتفسير احتراماً لقدسية القرآن وخضوعاً لفكرة أن القرآن حمال أوجه كما قال الإمام علي.

وهذا الوقوف مع العقل عندما يتعارض مع النص يجب ان يُقنع الذين يحشرون النص القرآني في مسائل علمية.. ان تلك المحاولات تسيء للقران اكثر مما تخدمه.

لذلك.. فان ضرورة بقاء التعادلية بين العلم والإيمان كمُنتَجَين للعقل والقلب، أمر هام لحفظ التوازن بينهما فلا يطغى احدهما على الاخر فيحدث التطرف.

حيث انه في غياب الايمان المتحرر من عقد وقيود المسلمات يبرز شر العلم ويختفي خيره.

وفي غياب العلم المتحرر من طغيان القوة يبرز عنف التطرف ويختفي خير الإيمان وفضائله.

وهذا يدفعنا لأن نكرر إيماننا الراسخ بان تعادلية العلم والايمان في جو من حرية الاختيار والاعتقاد بعيدا عن القسر.. هو الحل الوحيد ضد خلق الصراعات التي تشغل الأمة عن بناء مستقبل مشرق للأجيال، ويتسلق جدرانها السطحيون والعملاء والخونة الذين يجدون ضالتهم في اشعال فتن الصراعات بين مكونات الأمة عبر الصراع المختلق بين العلم والايمان.

وقد مرت اوروبا بمرحلة مظلمة من حياتها بسبب القسر ومحاكم تفتيش النوايا وغرقت في الظلام حتى تحررت من تلك المعضلة.. وعادوا لوعيهم بما يشبه دعوة النص القرآني المقدس: من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر (الذي سبق عصر التنوير الاوربي) بمئات السنين، ووصلوا الى ما وصلوا اليه الان من قوة وتطور.

لذلك  فالكنائس باقية في الغرب، والمؤمنون يذهبون الى كنائسهم.. ولم يعد هناك اي صراع بين الدين والعلم، مجرد ان توقفت الاقطاب عن فرض ارادتهاوتعايشوا في جو من الحرية وتحت قوانين تحترم خيارات الناس وقناعاتهم بعيداً عن الشراكة التي قامت بين القسيس والإقطاعي أغرقتهم في بحور من حروب وتخلف حضاري خيم على أوروبا قروناً طويلة حتى قال فولتير عبارته الشهيرة (اشنقوا آخر قسيس بأمعاء آخر إقطاعي)! 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في