: آخر تحديث

حوار الطفل وأبيه في القرن الواحد والعشرين

71
75
69
مواضيع ذات صلة

قال الطفل لأبيه :
علمني يا أبي كيف أغني قبل أن تشتري لي آلة العزف ...
لا تحاول أن تغرس الضحكة على ملامحي في الوقت الذي تصادر  شفاه فمي 
وتقطع لساني ،
وكلما جاع عقلي لفكرة مستنيرة ... لاتسد جوعه بأعلاف المعدة ..
 النور وحده كفيل بإشباع العقل !
الأب : 
أنا لم أطرب يوما في حياتي يابني ... كي أعلمك فن الغناء .. ولم أفرح .. لكنني أستعير شفاه فمك كي أصنع لك ضحكتك .. وأقطع لسانك كيلا تتكلم ، فتكون الكلمة سكيناً تنغرس في صدرك .
لا أملك يابني .. غير ظلمة في عقلي أخشى أن أحشوها في عقلك .. فاستبدلها بشيء من العلف أسد به جوع معدتك لأن لديها قدرة الهضم واخراج مالافائدة منه .
أخاف على عقلك يابني من الحشو المظلم ... حينما أفتقد القدرة على صنع الضوء .
الطفل : للحمار معدة يا أبي وليس له عقل ... فهل رأيت الحمار يفكر بمعدته؟
أما أنا فلي عقل يحتاج الى معرفة منيرة تفرز فكراً مستنيرا ... ولي لسان يعبر وشفائف تشهد على ما أقول .
دعني .. أكون كما أنا ..
لا تسرق شفاه فمي
ولا تقطع لساني
واذا لم يكن عقلك المحبوس في أوهامك ومخاوفك  قادراً على صناعة فكرة مضيئة ... فإن عقلي الحر قادر على صناعة الضوء كله .
الأب : لكن عاطفتي الجياشة نحوك .. سبب مخاوفي عليك .
تعلمت أن النور يكشف عيوبنا .. فكرهته،
وأن الفرح يحلق بأحلامنا .. فمقته ،
وأن إشباع المعدة حتى التخمة .. أكثر أماناً واطمئناناً من اشباع العقل : الذي ما أن تستنهضه أمة حتى تبالغ في أحلامها فتطمع في الجلوس على سطح القمر ... وأنا يا حبيبي .. أخاف عليك أن تفكر في الصعود الى القمر  فأبقى وحيداً على هذه الأرض .
الإبن : لو أن عقلي أرشدني يا أبي كي أصل الى القمر وربما المريخ وزحل والمشتري .. وحتى المجرات البعيدة ، لكنتَ بظلالك  وجلالك معي .
أجسادنا : ليست الا محطات لانطلاق افكارنا .. لكنها تظل بحيرات آسنة لعقولنا كلما أغلقت أبوابها ضد انطلاق أشعتنا المتجددة والمختلفة والمتمردة على السائد من المسلمات .
دعني .. أطير يا أبي .. لأحلق في الفضاء الرحب .. وستجد نفسك وعقلك معي .
أما هذا الوجود في عتمة الصمت 
فلا العقل عقلي
ولا الروح روحي
ولا أنا .. أنا 
فمافائدة حنجرتي التي تملك أنت  أقفالها؟
وما فائدة عيوني التي تسرق بصرها ؟!
ومافائدة جمجمتي التي أفرغت منها عقلها ؟!!
ثم ماالفرق بيني وبين الدمية ... إذا لم أحلق بعقلي ، وأغرد بصوتي ... وأرى بعيوني .. لا بعيونك ؟!!


[email protected]


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي