: آخر تحديث

فشل القضيتين الكردية والفلسطينية

91
67
76
مواضيع ذات صلة

الواقعية.. وآه من كلمة الواقعية التي لا يفهم مدلولاتها الحكام الدكتاتوريين ممن يتاجرون بقضايا شعوبهم القومية.

في أربعينيات القرن الماضي طرحت فكرة تقسيم فلسطين الى دولتين متجاورتين متحابتين تعيشان جنبا الى جنب مع بعضهما البعض، ولكن القادة القومجية العرب رفضوا ذلك واتهموا الرئيس الوحيد الذي أبدى تأييده لهذا الحل بالخيانة، وهو الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة الذي كان أثقفهم وأبعدهم نظرا في السياسة. وإلتفوا حول شعارات زائفة أطلقها زعيم بائس تبجح في غرور وتعال بأنه سوف يرمي الاسرائيليين في البحر !. فلم يطل الأمر حتى طرده الاسرائيليون من أرضه في سيناء وإحتلوا كامل الأرض التي عرضت على الفلسطينيين لبناء دولتهم !. وتواصلت هزائم العرب وانهارت جبهات الصمود والتصدي أمام دولة إسرائيل الصغيرة، ولم تفلح أقوى الجيوش العربية وهو الجيش المصري من إستعادة ولو شبر من أراضيها المحتلة، لولا جرأة وشجاعة الرئيس أنور السادات الذي إستعادها بمعاهدة سلام ودون إطلاق رصاصة أخرى.
بعقلية متخلفة وأسلحة فاسدة وبطولات عنترية زائفة، حارب العرب إسرائيل طوال أكثر من نصف قرن، ولم يجنوا سوى الخيبات والإنهزامات. وإستغل قادة فلسطين وتحت شعار " حركة التحرير " الدول العربية لحلبها والحصول منها على مليارات الدولارات من دون أن يتمكنوا هم أيضا من تحرير ولو شبر واحد من أراضيهم المغتصبة، فظل الشعب الفلسطيني ذليلا بأرضه المحتلة، وتوالت الهزائم والخيبات السياسية والعسكرية الى أن توصل بعض العقلاء  العرب مؤخرا الى حقيقة عقم المواجهة مع إسرائيل التي تحولت الى دولة مهمة في المنطقة يمكن الاستفادة من علومها وإبتكاراتها والتجارة والاستثمار معها، فركبت الامارات قطار التطبيع وتلتها البحرين وهناك فارغونات تنتظر ركابا جدد للوصول الى المحطة الأخيرة من السلام والوئام والعيش المشترك في هذه المنطقة التي أحرقها الصراع العربي الاسرائيلي طوال سبعين عاما.

على الجانب الآخر كانت هناك قضية مظلومية شعب آخر أحتلت أراضيه وقسمت بين أربع دول المنطقة، وهي القضية الكردية. ونفس الحالة من تسلط بعض الأحزاب والقوى العشائرية المتخلفة على هذه القضية وإستخدامها مطية لتحقيق مصالحها الحزبية والعشائرية. وكما رفع زعماء العرب شعار " رمي إسرائيل في البحر " رفع القادة الكرد شعار " إسقاط " الأنظمة الحاكمة في أجزاء كردستان الأربعة !. وكما فشل العرب في طرد وإغراق إسرائيل في البحر، فشل القادة الكرد أيضا من إزاحة ولو مدير ناحية بمناطقهم المحتلة. وكالعادة رفضت القيادات الكردية أي تطبيع مع الأنظمة الحاكمة طوال نصف قرن رغم كل جولات التفاوض التي جرت بينهما لحل القضية الكردية.

وبعد سقوط آخر الدكتاتوريات الحاكمة في العراق عام 2003 تم تثبيت كافة الحقوق القومية الكردية في دستور العراق الجديد وأصبح الكرد فعلا شركاء في إدارة الحكم بالبلاد بل أكثر من ذلك تبوؤا منصب رئاسة الدولة منذ تلك السنة ولحد اليوم، فلم يعد هناك ما تسمى بالقضية الكردية اللهم إلا إستخدام هذه القضية لإنتزاع المزيد من الإمتيازات وحلب الأموال من بغداد، فلا أرض كردستان بقيت محتلة لأن السلطة الكردية تسيطر عليها حاليا، ولا بقيت شعارات الديمقراطية والحكم الذاتي تنطلي على الشعب الكردي.
وبالعودة الى عنوان هذا المقال، يفترض بالقيادة الكردية أن تعود الى رشدها وأن تقتدي بالأنظمة العربية التي خلفت ورائها قضية تسمى بالعداء لاسرائيل ودخلت مرحلة جديدة من السلام والتعايش. فقد حان الوقت لكي تنبذ هذه القيادات أيضا تلك الشعارات الفارغة التي تاجرت بها لعقود طويلة من الزمن، وأن تذهب الى بغداد لتكون شريكا حقيقيا في السلطة عبر مصالحة شاملة مع الحكومة الاتحادية والتوقف عن إضطهاد الشعب الكردي وإستغلاله مطية لخلافات المصالح مع النظام الحاكم في العراق.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في