: آخر تحديث

الموت في زمن الحداثة

63
60
60
مواضيع ذات صلة

في كتابه  "متاهة الوحدة" ا يخصص الشاعر المكسيكي الكبير اوكتافيو باث  فصلا  فيه يتحدث عن الموت. وهو  يقول أن الأديان الكبرى الثلاثة، أي اليهودية والمسيحية والإسلام،  تتفق على أن الموت ّقفزة قاتلة بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة". أما الموت  في العصر الحديث فبلا معنى يمكن أن يسْمُو به، أو يربطه بقيم أخرى. وهو يبدو دائما وكأنه بكل بساطة النهاية الحتمية لسيرورة طبيعية. وبما أن العالم الحديث مُشَكّل من العديد من الظواهر، فإن الموت هو واحد من هذه الظواهر. لكنه ظاهرة مزعجة ومنفرة تجبرنا على أن نمتحن مفاهيمنا لمعنى حياتنا. وقد سعت الفلسفات الداعية إلى التقدم، والمحرضة عليه،  أن تبعد شبح الموت عن الناس. لذلك يبدو الموت في العالم الحديث كما لو أنه غير موجود. ويتحاشى  رجال السياسة   في حملاتهم الانتخابية عدم التطرق إليه موهمين الناس بأنهم قد يتمكنون من الانتصار عليه...وتفعل ذلك الإعلانات الاشهارية، والأخلاق العامة، والمحلات التجارية التي تبيع سلعها بأثمان منخفضة، والصيدليات التي تبشر الناس بالصحة الدائمة، والفرق الرياضية، خصوصا فرق كرة القدم التي يعدّ أنصارها بالملايين. مع ذلك يظل الموت كما يقول أوكتافيو باث "فاتحا فمه فلا يشبع أبدا". وهو دائم الحضور في كل ما نفعل. والقرن العشرون الذي يزعم عشاقه ومحبوه أ نه قرن ّالمعجزات العلمية والتكنولوجية"، هو أيضا قرن" معسكرات الموت"، والدولة البوليسية، والقنبلة الذرية، وأسلحة الدمار الشامل، والتدمير المنهجي للطبيعة، وتلويث البحار والمحيطات، والمجازر الجماعية"..


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي