ناهد الأغا
برعاية صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز، المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز، وبحضور صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن بندر بن عبدالعزيز، وزير الحرس الوطني، شهدت العاصمة الرياض انطلاقة النسخة الأولى من ملتقى التاريخ الشفوي في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي، وفي هذا المكان الذي ينبض بتاريخ المملكة وروحها، تحول المركز إلى فضاء يلتقي فيه الماضي بالحاضر، ويستمع الوطن إلى أصواته، أصوات تحمل في طياتها ذكريات وشهادات وشغفًا بالحفاظ على الهوية الوطنية.
افتتح الحفل بعرض تعريفي استعرض مسار الجهد العلمي والدؤوب في جمع الروايات الشفوية وتوثيقها، منهجية دقيقة تقدّر الإنسان كما تقدّر الحدث، وتربط بين الوثائق المكتوبة والصوت الحي، لتكون الرواية الشفوية رافدًا حيًا للتاريخ، ومكمّلًا للمصادر المكتوبة.
ثم ألقى الدكتور فهد بن عبدالله السماري، المستشار بالديوان الملكي وعضو مجلس إدارة الدارة، رئيس لجنة شؤون الدراسات والنشر، كلمته مستعرضًا تأسيس نشاط التاريخ الشفوي منذ عام 1416هـ، وما شهده من تطور منهجي مكّن الدارة من حفظ الذاكرة الوطنية وتوثيق الروايات الشفوية، ليصبح الصوت الحي شاهدًا على التغيرات ومعبّرًا عن روح الزمن، ومصدرًا أصيلًا يثري تاريخ المملكة.
وفي لحظة عميقة الدلالة، دُشّن مشروع رجالات الملك عبدالعزيز، ثمرة التعاون بين دارة الملك عبدالعزيز ووزارة الحرس الوطني، ليكشف الستار عن أدوار الرجال الذين أسهموا في بناء الدولة السعودية، ويعيد رسم تفاصيل مسيرة الملك المؤسس – رحمه الله – وأصحابه، من خلال روايات شفوية تغذي الذاكرة الوطنية، وتجعل من الماضي نبراسًا للحاضر والمستقبل، كما أشار الرئيس التنفيذي لدارة الملك عبدالعزيز، تركي بن محمد الشويعر، إلى أن الملتقى امتداد لجهود دارة استمرت أكثر من ثلاثة عقود، وقدم لمحة عن مركز خدمات المستفيدين الذي يتيح أكثر من 1800 مقابلة شفوية، إلى جانب عشرات المقابلات ضمن مشروع رجالات الملك عبدالعزيز، ليصبح صوت التاريخ متاحًا للباحثين والمهتمين محليًا ودوليًا، وتبقى كل قصة شاهدة على روح الوطن.
وفي ختام الحفل، قدّم سمو الأمير فيصل درعًا تذكاريًا لسمو الأمير عبدالله، تقديرًا لكل جهد ساهم في إبراز الروايات التاريخية المرتبطة برجالات الملك المؤسس، وكأن التاريخ يبتسم لكل من يعتني به.
وانطلقت الجلسات العلمية، حيث تعانقت الخبرات وتبادلت التجارب، واستعرضت المؤسسات مبادراتها، لتكون منصة تفاعل ومعرفة، تمهد الطريق لمستقبل مشرق في خدمة التاريخ الشفوي، كما شهدت المناسبة انطلاقة الحملة الوطنية معًا لنروي ذاكرة الوطن دعوة للوفاء، والشراكات جسور، ودارة الملك عبدالعزيز منارة تحفظ الماضي وتضيء المستقبل ليبقى الوطن حيّا نابضا بالعز والفخر والولاء الأبدي، شامخا، صامدا، عنوانا للعظمة، وشاهدا على صلابة الهوية، وامتدادا لمجد أبنائه.
نعم، في قلب الوطن الكبير تقف دارة الملك عبدالعزيز شامخة، منارة تحرس ذاكرة المملكة، صانعة للتاريخ وناهضة بالمعرفة.

