بتركيزه على الاستثمار والابتكار، وبمشاركة واسعة ومحاور عملية، يمتلك ملتقى الصحة العالمي 2025 القدرة على أن يكون نقطة انطلاق لتسريع التحول الصحي في المملكة والمنطقة، ومجالًا لصياغة شراكات قد تؤثر على شكل الرعاية الصحية خلال العقد المقبل..
تستضيف العاصمة الرياض هذه الأيام ملتقى الصحة العالمي 2025 الذي يعقد في الفترة من 27 إلى 30 أكتوبر 2025، وهو حدث يجمع صانعي القرار، المستثمرين، الباحثين، وممثلي القطاعين العام والخاص تحت شعار "استثمر في الصحة". يقام الملتقى في مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات في ملهم، وبرعاية وزارة الصحة السعودية، في خطوة تعكس رغبة المملكة في توسيع دورها الإقليمي والعالمي في مجال الرعاية الصحية.
يمثل الملتقى منصة متكاملة لعرض أحدث الحلول والابتكارات في الصحة الرقمية، الأجهزة الطبية، الخدمات العلاجية، والسياسات الصحية. فقد أعلنت الجهات المنظمة مشاركة واسعة ومتنوعة، مع أكثر من 2,000 جهة عارضة و500 متحدث من نحو 130 دولة، بالإضافة إلى أكثر من 100 ساعة تعليم طبي مستمر معتمدة، ما يؤكد الطابع الدولي والمهني للفعالية.
تتخطى أهمية ملتقى الصحة العالمي كونه مجرد معرض؛ فهو بيئة لتبادل المعرفة وتشكيل شراكات استراتيجية تؤثر في مسارات التمويل والبحث والتطوير، حيث يسهم الملتقى في نقل المعرفة من خلال جلسات علمية وورش عمل تغطي مواضيع حيوية مثل التحول الرقمي في الصحة، العناية المتكاملة، والابتكار في التشخيص والعلاج، ما يساعد على رفع كفاءة الكوادر الصحية الوطنية وتبني ممارسات عالمية.
يمثل الملتقى منبرًا لتعزيز التعاون الدولي وفتح قنوات استثمارية وبحثية بين المملكة والدول المشاركة. اللقاءات الثنائية بين ممثلي شركات تكنولوجيا الصحة، صناديق الاستثمار، والمستشفيات الكبرى تسهل عقد شراكات وتوسيع سلاسل الإمداد المحليّـة، الأمر الذي ينعكس في دعم اقتصاديات الصحة وتوطين الصناعات الصحية.
يؤثر الحدث بشكل مباشر في تنمية الاقتصاد الصحي المحلي عبر جذب معارض وموردين دوليين، ما يسرّع من تطوير صناعات طبية وخدمية محلية وخلق فرص وظيفية متخصصة. ويعمل الملتقى كحاضنة للحديث عن نماذج مستدامة للرعاية وجودة تجربة المريض، وبخاصة عبر مناقشات حول السجلات الصحية الإلكترونية، تحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي في التشخيص.
عند مقارنته ببعض الفعاليات العالمية المماثلة، يظهر ملتقى الرياض بُعدًا مميزًا يجمع بين التركيز الإقليمي والامتداد العالمي. فعلى النقيض من منتديات صحية دولية تقليدية قد تركز على الأبحاث أو جانب محدد من التكنولوجيا، يدمج ملتقى الرياض البعدين الطبي والاقتصادي معًا، ما يمنحه قدرة على التأثير في القرارات الاستثمارية والسياسات الصحية المحلية والإقليمية. أمّا المعارض الدولية ذات التاريخ الطويل فتبقى مرجعًا في السمعة والشبكات المتجذرة، لكن ملتقى الرياض يستفيد من الزخم المالي والقيادي الذي تمنحه خطط التحول الوطني، ليقدّم منصة منافسة ذات ملامح إقليمية فريدة.
يقدّم ملتقى الصحة العالمي 2025 فرصة مثرية تتجاوز مفهوم المعرض التقليدي، فمنصة الرياض تعمل كحاضنة فعلية لتحويل الأفكار والبحوث إلى حلول صحية قابلة للتطبيق على أرض الواقع. خلال أيام الملتقى ستتبلور مبادرات شراكة بين المستشفيات، القطاع الخاص، حاضنات التقنية الصحية والجهات المموِّلة، تهدف إلى تقليل فترات الانتظار، تحسين نتائج المرضى، وخفض التكاليف من خلال تبنّي الحلول الرقمية والتحليلات المعتمدة على البيانات. كما يوفر الملتقى برامج تبادل وتدريب عملي للكوادر الوطنية، ما يعزز القدرة على الاستجابة للأزمات وتطبيق معايير الجودة العالمية.
بهذه الرؤية العملية، يتحوّل الملتقى إلى محرك حقيقي للتغيير، يسهم في تحسين جودة الحياة للمواطن والمقيم على حد سواء. ويكمن النجاح الحقيقي في قدرة منظمي الملتقى على تحويل التعهّدات إلى مشاريع ملموسة بدعم مؤسسي مستمر، وإشراك المجتمع المدني في مراقبة التنفيذ. كما سيعطي الملتقى أولوية للاستدامة والحوكمة الشفافة لضمان استدامة الفوائد الصحية والاقتصادية. وتوسيع الشراكات الإقليمية والدولية المستدامة.
يأتي ملتقى الصحة العالمي 2025 في الرياض في توقيت محوري، حيث تتجه دول كثيرة إلى اعتبار الصحة محركًا رئيسيًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. بتركيزه على الاستثمار والابتكار، وبمشاركة واسعة ومحاور عملية، يمتلك الملتقى القدرة على أن يكون نقطة انطلاق لتسريع التحول الصحي في المملكة والمنطقة، ومجالًا لصياغة شراكات قد تؤثر على شكل الرعاية الصحية خلال العقد المقبل. من جهة صانعي القرار إلى مزوّدي الخدمة والباحثين، يمثل هذا الحدث فرصة حقيقية للمساهمة في بناء منظومة صحية أكثر كفاءة واستدامة.

