في الإجابة عن أسئلة المعلومات كانت تحضر عبارة الاستعانة بصديق، أما اليوم فيوجد صديق للجميع هو (شات جي بي تي) وهو حاضر في كل وقت ويساعد الجميع في المجالات كافة. السؤال هنا: هل هذا تطور إيجابي في عالم التعليم والتقنية وعالم البحوث والدراسات، وهل الاستعانة به في إبداء الرأي خاصة بالنسبة للطلاب ينمي مهارة التفكير المستقل.
لاحظ دكتور جامعي في إحدى الجامعات الأميركية أن إجابات الطلاب جاءت متطابقة تماما لأن مصدرها واحد وهو شات جي بي تي. الدكتور كان غاضبا على الطلاب حتى إنه حذرهم أن مستقبلهم المهني لن يكون جيدا.
تذكرنا قصة هؤلاء الطلاب باختبار يستخدمه بعض أساتذة الجامعات وهو الاختبار الذي يسمح للطلاب فتح الكتاب ويطلق عليه (اختبار الكتاب المفتوح)، وقد يبدو هذا الاختبار سهلا أو يسمح بالغش وهو ليس كذلك وربما يكون أصعب من الاختبار التقليدي لأنه يتضمن أسئلة غير مباشرة، أسئلة للتفكير وليس للتعبير. هذا الاختبار يتطلب التفكير والتحليل وليس إعطاء معلومات عن طقس دول أو عواصمها أو عدد سكانها، وهي معلومات أصبحت في هذا الزمن متاحة للجميع بضغطة زر يجيب عنها صديق الجميع المشار إليه، زحمة على باب هذا الصديق وعلى هاتفه طلبا للنجدة، متزاحمون يتسولون معرفة أو فكرة أو بريدا إلكترونيا أو خطابا أو حتى قصيدة حب!
هل يستمر التطور التقني في مجال التعليم بما يشكل تهديدا مهنيا للمعلمين وأساتذة الجامعات؟ كان اسم المعرفة مرتبطا بمؤسسات التعليم فهل تقلص التقنية دور المؤسسات التعليمية لتكون محصورة في مجال التربية فقط؟
بشكل عام يدور نقاش حول الذكاء الاصطناعي يبرز إيجابياته وهي كثيرة، ولا يغفل التساؤل حول مدى تأثيره على سوق العمل واحتمال تسببه في فقد الوظائف.
شات جي بي تي هو أحد أبناء الذكاء الاصطناعي ويتم التسويق له أنه يجعل مستخدمه خبيرا في أي موضوع! إذا كان الأمر كذلك فلماذا غضب الأستاذ الجامعي ووبّخ الطلاب في القصة المشار إليها في هذا المقال حين لاحظ أن إجابات الطلاب متشابهة؟ وإذا كانت المعلومات يسهل الوصول إليها فهل يتجه التعليم إلى التركيز على تعليم الأساسيات مثل القيم وتعلم أساسيات القراءة والكتابة ثم الاتجاه نحو بناء الشخصية وتنمية مهارات التفكير والتحليل وطرح الأسئلة، وترك الباقي لبرنامج (شات جي بي تي)؟

