: آخر تحديث

ترمب وشي... قمة مستقبل الصراع

2
2
2

تتوجه أنظار العالم إلى لقاء القمة المنتظر بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جينبينغ.

وتشير التقارير والأخبار إلى أن القمة المقبلة بين الولايات المتحدة والصين، التي من المتوقع أن تعقد على هامش جولة الرئيس الأميركي في آسيا يوم الخميس، ستركز بشكل رئيسي على القضايا التجارية، ومحاولة تجنب تداعيات الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. وأهم المواضيع التي من المتوقع أن تكون على جدول الأعمال هي:

القضايا التجارية والرسوم الجمركية: ومنها مناقشة تخفيف أو إلغاء الرسوم الجمركية المتبادلة.

والسعي إلى التوصل لاتفاق تجاري شامل لتسوية الخلافات. وتمديد الهدنة التجارية بين البلدين. وتحقيق توازن تجاري أفضل بين البلدين.

وفي ما يتعلق بالتكنولوجيا وقطاعات محددة، فهناك ملف تطبيق «تيك توك» واحتمال نقل ملكيته إلى مستثمرين أميركيين أو حظره بالكامل في الولايات المتحدة. وقضايا التكنولوجيا الحديثة بشكل عام. وثمة ملف المعادن النادرة واحتمال تأجيل الصين لقيود تصديرها.

وهناك قضايا إنسانية واقتصادية أخرى:

مثل التعاون في مكافحة تهريب مخدر الفنتانيل في الولايات المتحدة، مقابل احتمال إزالة رسوم أميركية على المواد الكيميائية المستخدمة في تصنيعه. وزيادة ملحة لشراء الصين لمحاصيل فول الصويا والمنتجات الزراعية الأميركية الأخرى.

كما أنَّ هناك ملفات سياسية وإقليمية منها مناقشة ملف تايوان وملفات حقوق الإنسان في هونغ كونغ وغير ذلك. والتنسيق بشأن الأزمة الروسية - الأوكرانية.

ويبدو أن الهدف الرئيسي للقمة هو التوصل إلى اتفاق مبدئي لتهدئة التوترات التجارية، وتحقيق الاستقرار في العلاقات الاقتصادية العالمية، وتهدئة حدة الصراع الضريبي والجمركي بينهما. وعلى الأرجح، لن تنجح هذه القمة في تهدئة المخاوف الجوهرية للولايات المتحدة من تجاوز الصين لها لتصبح أكبر اقتصاد في العالم.

هذه القمة تهدف بشكل أساسي إلى إدارة التنافس، وتجنب خروج الحرب التجارية عن السيطرة، والتوصل إلى اتفاقيات محددة ومرحلية في قطاعات مثل الرسوم الجمركية، والزراعة (فول الصويا)، وبعض القضايا التقنية (مثل تيك توك والفنتانيل). ومع ذلك، فإن المخاوف الأميركية من التفوق الصيني الاقتصادي لا تنبع فقط من حجم التجارة، بل هي مخاوف استراتيجية أعمق، تتلخص في النقاط التالية:

التفوق التكنولوجي: تنظر واشنطن بقلق إلى خطط الصين الطموحة مثل «صنع في الصين 2025»، التي تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي والسيطرة العالمية في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات، والسيارات الكهربائية، التي تُعد ركائز القوة الاقتصادية المستقبلية.

الممارسات التجارية غير العادلة: ما زالت الولايات المتحدة تتهم الصين بسرقة الملكية الفكرية، ودعم الشركات الحكومية بشكل غير تنافسي، مما يضر بالشركات الأميركية.

التنافس الجيوسياسي: التنافس الاقتصادي جزء لا يتجزأ من صراع أوسع على النفوذ العالمي والقيادة الجيوسياسية، لا سيما في مناطق مثل منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وملف تايوان، وسلاسل الإمداد العالمية.

لذلك، قد توفر القمة «هدنة» مؤقتة وتقلّل من حدة التوترات الحالية، وتمنع تصعيداً كارثياً في الرسوم الجمركية، لكنها لن تغير الاتجاه الاستراتيجي الطويل الأجل للتنافس الاقتصادي والتكنولوجي بين البلدين. لأن السباق على المركز الأول عالمياً انطلق ولن يحسم بسهولة، وأن هناك ملفات تقنية مفاجئة يعدها كل طرف للآخر لإحداث قفزات، وبالتالي فجوات بينه وبين منافسه.

رغم أن الولايات المتحدة لا تزال تتفوق من حيث القيمة الاسمية للناتج المحلي الإجمالي (GDP)، فإن هناك علامات ومؤشرات قوية عدة تدل على تفوق أو تقدم الصين في مسارها لتصبح القوة الاقتصادية العالمية الأكبر. وبالمقارنة السريعة بين الصين والولايات المتحدة في مؤشرات التفوق نرى الآتي:

مؤشرات التفوق والتقدم الصيني

1 - القوة الاقتصادية الحقيقية (تعادل القوة الشرائية)

الناتج المحلي الإجمالي حسب تعادل القوة الشرائية (PPP): تجاوزت الصين الولايات المتحدة في هذا المقياس منذ عام 2014. هذا المقياس يعكس القوة الشرائية الحقيقية ومستوى المعيشة بشكل أكثر دقة، حيث يصحح لفروقات الأسعار بين الدول. المقارنة: في عام 2024، قُدر الناتج المحلي الإجمالي الصيني (PPP) بنحو 40.72 تريليون دولار، متفوقاً على الولايات المتحدة بـ30.51 تريليون دولار (حسب بعض التقديرات).

2 - السيطرة على الإنتاج والتجارة العالمية

الفائض التجاري: تتمتع الصين بفائض تجاري مزمن وكبير (نحو 700 مليار دولار في 2024)، مما يعني أن صادراتها تتجاوز وارداتها بكثير، وهذا يعزز احتياطياتها الأجنبية وقوتها المالية. في المقابل، تعاني الولايات المتحدة من عجز تجاري مزمن. «مصنع العالم»: لا تزال الصين تسيطر على سلاسل الإمداد العالمية، وتُشكل الصناعة ما يقرب من 40 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي، مما يمنحها نفوذاً كبيراً على إنتاج السلع الأساسية والاستهلاكية والإلكترونيات عالمياً.

المعادن الأرضية النادرة: تسيطر الصين على أكثر من 60 في المائة من إنتاج العالم من المواد الخام لهذه المعادن، وتسيطر على نحو 87 في المائة من عمليات المعالجة والتنقية. هذه المعادن ضرورية في الصناعات العالية التقنية، مثل السيارات الكهربائية، والجوالات الذكية، والمعدات العسكرية المتقدمة، مما يمنح الصين «ورقة ضغط ذهبية» على الصناعات الأميركية.

3 - التقدم في القطاعات المستقبلية

السيارات الكهربائية (EVs): تتصدر الصين العالم في إنتاج وبيع السيارات الكهربائية، وتسيطر على أجزاء كبيرة من سلسلة توريد البطاريات العالمية. التصنيع الذكي والتكنولوجيا المتقدمة: تحقق الصين تقدماً قوياً في مجالات التكنولوجيا الصاعدة، مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية والتصنيع الذكي، في جزء من استراتيجيتها «صنع في الصين 2025» للسيطرة على هذه القطاعات.

4 - مؤشرات التفوق الأميركي المستمر

رغم التقدم الصيني، تظل الولايات المتحدة تحتفظ بـتفوق بنيوي في مجالات:

الابتكار والتكنولوجيا الأصلية: لا تزال الشركات الأميركية هي الرائدة في الابتكار الأصلي، وتهيمن على قطاعات البرمجيات والخدمات والمالية العالمية.

نصيب الفرد من الناتج المحلي: لا يزال متوسط نصيب الفرد من الدخل في أميركا يتفوق على نظيره في الصين بأضعاف.

حجم الاقتصاد الاسمي: تظل الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي (غير المعدل حسب القوة الشرائية). قمة الخميس ستحدد الكثير بين قوتين تتصارعان على الصدارة...


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد