: آخر تحديث

الشمس والحرية

2
2
2

محمد ناصر العطوان

لماذا ندفع فواتير كهرباء بينما هناك مفاعل مجاني يخرج لنا كل يوم؟

تخيل معي عزيزي القارئ... من آلاف السنين عبدَ البشرُ الشمسَ، وسجدوا من أجلها، وكانوا يرسمونها في معابدهم، وكانت ضمن حجة إبراهيم الخليل عليه السلام في رحلة بحثه عن الله... اليوم، نفس الشمس يمكن أن تجعلنا أحراراً تجاه عبادة فواتير الكهرباء وشركات البترول!

الفكرة ببساطة، الشمس = حرية.

إنها تُشرق كل يوم وتقول لنا: «يا بشر، أنا جندي من جنود الله، معكم مجاناً من مليارات السنين وأنتم مازلتم تبحثون على الأسلاك».

كيف يمكن للشمس أن تحررنا من سجن البترول؟ الإجابة عزيزي القارئ في مصطلح ديمقراطية الطاقة، أو ما يمكن أن نسميه الاستقلال الطاقي (أول مرة تسمع الكلمة؟) حيث طالما كان الوضع كالتالي، شركات البترول تقول لك: «أنا عندي الطاقة، وأنت عندك الفلوس... تعال ادفع». أما في الوضع الجديد، فالشمس تقول: «خد مني energy بلاش... بس اشتر الخلايا الشمسية مرة واحدة وانساني».

ولك أن تتخيل أيها القارئ اللطيف ذو الجيب الخفيف أن تكلفة الطاقة الشمسية انخفضت 85 في المئة في 10 سنين فقط، ولم تعد تكلفك تلك التكلفة الباهظة.

الشمس مرتبطة بالحرية، ولا تفرق بين غني وفقير. وتشع على كل الناس، سواء كنت في غرفة فوق سطح، أو تسكن في قصر من الرخام الملكي في عهد هنري الرابع... سواء كنت في غزة أو سويسرا. الشمس ستصل لك، على عكس البترول الذي يتحكم فيه «شلة» معينة وتستطيع أن ترفع السعر وتخنق شعوباً.

تصبح الشمس أكثر حرية للدول التي تنقطع عنها الكهرباء في عز الشتاء أو في الشوط الثاني لمباراة بين ليفربول وأرسنال. مع الطاقة الشمسية + بطاريات تخزين تستطيع أن تشاهد محمد صلاح حتى النهاية وهو يهز شباك أرسنال.

ولعلك تذكر عزيزي القارئ ما درسته في المرحلة المتوسطة، أن الشمس أساسية في عملية التمثيل الضوئي. بمعنى أن كل خضرة وفاكهة تأكلها، الشمس شاركت فيها، ومن دون الشمس لا توجد نباتات، ولا حيوانات، ولابشر!

إن هذا المقال ليس دعوة لعبادة الشمس مرة أخرى، ولكنه إدراك لمدى أهميتها، فهي توفر الدفء لكل الكوكب من دون أن تطلب مقابلاً... ليست مثل دونالد ترامب الذي يدخل معك في مفاوضات على الهواء الذي تتنفسه!

توفر لك الشمس حرية التنقل، حيث تستطيع أن تضع خلايا شمسية على سياراتك، على حقيبتك، حتى على شمسية الشاطئ! و في أفريقيا، هناك الكثير من الناس تضع ألواحاً شمسية صغيرة من أجل شحن التليفون في الصحراء.

والسؤال الجوهري في هذا المقال هو، لماذا الشمس أقوى من كل الأنظمة؟ ولا يستطيع أحد أن يحجبها؟

لا أحد يستطيع أن يحجب الشمس إلا إذا سجنك، ولا النظام الأميركي أو حتى الصهيوني، أو حتى الشركات العابرة للقارات تستطيع أن تبني سقفاً كونياً تمنع به الشمس... وربما الأهم من هذا كله أنها ترسل حرارتها وضوءها وحريتها من دون تأشيرة دخول، من دون جمارك، ومن دون اعتبار للحدود سياسية.

تنير على كل الدول التي تحبها والتي تبغضها... ليست مثل الغاز الذي تقطعه الدول عن بعضها نتيجة سياسات ومواقف.

حتى في حالات الحروب والإبادات الجماعية، كما هو الحاصل في غزة، فإن الشمس ستظل تشرق والطاقة الشمسية يمكن أن تُعيد بناء الدول من الانهيار.

كيف نستفيد في دولة الكويت من الشمس في 2025؟ خلايا شمسية على الأسطح وتوفر 50 في المئة من فاتورة الكهرباء، واستخدام السخانات الشمسية، والمزارع الشمسية والتخزين بالبطاريات.

ولدى الهيئة العامة للطاقة خطة كاملة يمكن تطبيقها، كذلك يمكن لوزارة الإعلام إطلاق حملة بعنوان «الريادة الشمسية... استدامة الحرية».

فالشمس ليست نجماً مشتعلاً فقط من مليارات السنين، لكن مصدر حرية حقيقية من فواتير الكهرباء ومن التلوث ومن التحكم السياسي في الطاقة وفي المأكل والدفء... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر... وكل ما لا يُراد به وجه الله... يضمحل.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد