: آخر تحديث

لا حول لنا ولا قوة

2
2
2

بلا مواربة او البعد عن الحقيقة، نعترف بأن العالم العربي اليوم لا يملك القدرة العسكرية على مواجهة إسرائيل.

لا العبارات الجياشة والحماسية، التي نقرأها في صحفنا، ونسمعها في إعلامنا، ونتداولها في هواتفنا، ونقرأها في الجرائد، قادرة على قلب المعادلة. إسرائيل تعرف ذلك جيداً، وهي تبني جرأتها ووقاحتها على هذه الحقيقة. ولكنها ليست دولة فوق قوانين الكون، ولا عصية على الردع.

نعم هي لا تردعها الطائرات العربية، انما ما يمكن ان تخشاه هو خسارة صورتها أمام الغرب، وهو ما نلمسه وما يحصل حاليا في عالم الغرب، ولم يكن واقعا في السنوات السابقة، فإسرائيل لا توقفها جيوش، لكنها بالتأكيد ترتبك أمام محكمة دولية تضع قادتها في خانة المجرمين.

غضب الشعوب بالغرب يهدد قادتها.. وهذا ما يمكن ان يساهم في الضغط على هذا الكيان المارق.

اسرائيل لا تخاف من طفل يحمل حجراً، ولكنها ترتبك أمام محكمة تلاحقها بتهمة الإبادة، وهي لا تبالي بأنين غزة، لكنها تخشى انهيار استثماراتها وسقوط صورتها كـ«الديموقراطية الوحيدة»، التي لطالما أزعجتنا بها.

هي كيان لا يردعه الرصاص، لكنها تحسب ألف حساب لتراجع دعم سياسي، وخاصة من البيت الأبيض، شرط اشتداد غضب الشارع الأمريكي والأوروبي أكثر فأكثر.

اسرائيل لا يردعها دم، ولا توقفها صرخة أم فلسطينية، ولا يهزها بيت يُقصف فوق ساكنيه، ما يردعها فقط هو الثمن، نعم ثمن سياسي يضع قادتها في خانة المجرمين، وثمن شعبي يفرض على حلفائها التراجع خطوة إلى الوراء.

ما نشهده من ثورة شعبية عارمة أوروبية، تظاهرات تهز الشوارع في كثير من الدول الغربية تطالب بوقف الإبادة الجماعية ضد اهلنا في غزة، يجعلنا نشعر بالخجل ونطأطئ رؤوسنا لصمتنا وعدم إطلاق صرخة شعبية مدوية.. مثلهم.

قوة اسرائيل قائمة على دعم غربي، وبالاخص امريكا، الا ان الصور الحالية والقادمة من غزة تكلفها رأياً عاماً غربياً، لم يعد يهضم روايتها التقليدية.

الموقف العربي، الذي تعودنا على تشتته، لو ارتدى اليوم ثوب الجدية والحزم أكثر وأكثر إزاء هذه القضية الانسانية، ولو بأبسط أدوات الردع السياسي والاقتصادي، لأرغم ذلك إسرائيل على خطوات أخرى غير الإصرار على مزيد من التدمير والقتل والتجويع.

أثبتت إسرائيل، وما زالت، أنها غارقة في الدم والتوحش، ولكن يمكن ان ترتدع بالخسارة السياسية والاقتصادية، ويمكن ان ترتجف أمام عزلة دولية تهدد صورتها كـ«ضحية» طالما باعتها للعالم.

الصمت ازاء ما يحصل من فواجع وإبادة جماعية في غزة منذ عامين ليس إلا دعوة مفتوحة لإسرائيل كي تواصل إجرامها بلا ثمن.


إقبال الأحمد


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد