خالد بن حمد المالك
يتجه الرئيس الأمريكي ترامب إلى إنشاء صندوق ائتماني لتوطين مواطني غزة في الداخل والخارج، ويدعو وزير الأمن القومي في إسرائيل بن غفير من جانبه إلى تهجيرهم إلى خارج بلادهم، وهو مخطط أمريكي - إسرائيلي لتفريغ قطاع غزة من مليوني فلسطيني، وتحويلها إلى ريفيرا الشرق الأوسط حسب قول ونية الرئيس الأمريكي.
* *
وكان الرئيس ترامب قد صرح من قبل بأن قطاع غزة لم يعد صالحاً للحياة، وأن الفلسطينيين يستحقون حياة أفضل، وتحدث مع بعض الدول لتهجيرهم إليها، وبين هذه الدول مصر والأردن، ثم قال إن ليبيا من بين المشمولين، ودول أخرى كذلك.
* *
تحقيق ذلك يتطلب موافقة الفلسطينيين في غزة، وهذا لن يكون بعد كل هذه التضحيات بدماء الأطفال والنساء والمدنيين، كما أن تهجير هذا العدد الكبير من مواطني القطاع لن يكون بمقدور عدد من الدول لاستيعابهم بافتراض أن التهجير سيكون قسرياً، ولهذا فإن أقصى ما يمكن أن يتم هو احتلال إسرائيل للقطاع.
* *
على أن أي احتلال لإسرائيل حتى مع القضاء على حماس لن يوفر لإسرائيل الأمن والاستقرار، وسوف تكون هناك من بين مليوني فلسطيني خليات تقاوم الاحتلال، على شكل أفراد، وإن كان دون تنظيم أو تنسيق، بما يفوت على إسرائيل إمكانية رصدها، خاصة إذا كانت المقاومة تأخذ طابع السرية، وتستفيد من فتح المعابر لتهريب الأسلحة والذخائر.
* *
ومع أن إسرائيل قتل من جيشها أكثر من 900 مشارك في حرب غزة، عدا المصابين وبعضهم حالاتهم خطرة، وهو رقم لا يقارن بخسائر الفلسطينيين الذي وصل إلى أكثر من 70 ألف غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن، ومن المدنيين عموماً، بخلاف آلاف المصابين، إلا أن المعارك لا تنتهي باجتياح إسرائيل وسيطرتها على كامل القطاع، فالخلايا النائمة يكون هذا توقيت مقاومتها، وهي منتشرة بين أفراد الجيش المحتل، بما يسهل عليها اقتناصهم.
* *
مغامرة إسرائيل باحتلال كامل غزة، لن ينجو من رهائنها لدى حماس أحداً، فهم مع آخر مقاوم لرد المعتدي، وسيكون قتل الرهائن مباحاً لدى المقاومة الفلسطينية، أمام مجازر العدو الإسرائيلي، ورفضه أي اتفاق جزئي وعلى مراحل، وبالشروط التي نص عليها اتفاق المبعوث الأمريكي والوسطاء الآخرين.
* *
غير أن ما هو واضح، أن إسرائيل ماضية في سياستها، وأن الحكومة المتطرفة أملت على الجيش بأن يقوم باحتلال قطاع غزة، مع ما يشكله هذا التوسع في الاعتداء على غزة من تعريض الرهائن للخطر، وربما بعض أفراد الجيش المعتدي، فضلاً عن المدنيين الفلسطينيين.
* *
في إسرائيل لا صوت يعلو على صوت عدوانها، ولا خيار غير القوة والضغط لديها بالسلاح، ولا قبول بسلام يحفظ للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، هذه سياسة إسرائيل وتاريخها، ومنهجيتها، في التعامل مع الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي منذ احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية عام 1948م، وجعل الشعب الفلسطيني منذ عام 1967م تحت القمع والحرمان والعذاب من جيشها ومتطرفيها والمستوطنين.