كان الأب يريد التحدث مع أبنائه في الوقت المتاح (إجازة الأسبوع)، لكن ارتباط الأبناء مع الأصدقاء كان له الأولوية، وقال أحدهم لوالده سوف أتواصل معك بالهاتف.
كانت سيدة خارج البيت، تحدثت مع صديقتها بواسطة الجوال لمدة طويلة، وعندما التقيا ساد الصمت، انتهى الكلام لكنه لم ينتهِ –أثناء اللقاء- مع طرف آخر عبر الجوال!، قال الأب لابنه: اذهب إلى السوق أو المقهى وتحدث معي بالجوال، لدي موضوع مهم سأناقشه معك، الحديث بالجوال فيه أريحية أكثر من البيت، لا وقت لدينا في البيت!
الأكيد أن إيجابيات الهاتف الجوال كثيرة ولا حصر لها، المشكلة هي سوء الاستخدام أو المبالغة في الاستخدام بما يؤثر على العلاقات داخل الأسر، وبين أفراد المجتمع بشكل عام، وصل التأثير السلبي أو سوء الاستخدام للجوال داخل الأسر إلى حد التواصل بين أفراد الأسرة داخل البيت بواسطة الجوال.
البعض يصف حال الأسر مع الجوال أنه يشبه الغربة ولكنها غربة داخل الأسرة، قد تجد الأسرة وقتاً للاجتماع العائلي لكن هذا الاجتماع سوف يسيطر عليه الجنرال (الجوال)، سوف يسرق الوقت، يسرق أفراد الأسرة إلى عالم افتراضي، سيكون هذا العالم هو موضوع الحوار بينهم إن توفر وقت لهذا الحوار وبمعنى أكثر دقة إن سمح الجوال بهذا الحوار،
في الأماكن العامة، في صالات الانتظار، صمت مطبق، لا أحد يتحدث مع أحد، لا أحد يسأل، الجوال ينتظر الأسئلة، هو المؤهل للإجابة والإرشاد وإعطاء المعلومات، لماذا تزعج الآخرين ومعك جوال؟!
التأثير السلبي للجوال قد يكون مصدره الكبار، حين يدمن الكبار استخدام الجوال سينتقل هذا الإدمان إلى الأطفال، وهنا تكون الخطورة أكثر، إذا ابتعد الاستخدام عن التواصل الإيجابي وتبادل المعلومات والتثقيف. التفاعل مع العالم الافتراضي قد يؤدي إلى العزلة عن عالم الأسرة وعالم المجتمع، وفي هذا الابتعاد عن عالم الواقع تنتج حالة من القلق والتوتر والارتباك الذهني والإضرار بالصحة النفسية والعلاقة الأسرية السلبية.
الحل هو الاعتدال وحسن الاستخدام لوسائل التواصل الاجتماعي، الاستخدام الإيجابي الذي يقوي علاقة الفرد بالأسرة والمجتمع، ويمثل له نافذة معرفية وثقافية وليس نافذة للهروب من الواقع.