: آخر تحديث

محمد صلاح أسطورة عن بعد في مسقط رأسه نجريج

2
1
3

نجريج (مصر) : قد يكون النجم المصري محمد صلاح العنوان الأبرز في وسائل الإعلام الرياضية العالمية خلال الأيام الأخيرة بسبب علاقته المتوترة مع فريقه ليفربول الإنكليزي والحديث عن إمكانية رحيله، لكن في مسقط رأسه نجريج، الواقعة في قلب دلتا النيل، لا تحظى هذه القضية بالاهتمام نفسه رغم مكانة نجم "الفراعنة" في قلوب أهل القرية.

يحمل المجمع الرياضي الذي خطا فيه خطواته الأولى في عالم كرة القدم اسمه منذ تأهل مصر لكأس العالم 2018، وتُعرض صورته عند مدخله.

أما بقية أنحاء القرية، فتكاد تخلو من أي أثر لنجم ليفربول الذي خرج في عطلة نهاية الأسبوع المنصرم بتصريح ناري قد يؤدي الى رحيله عن "الحمر" بعدما انتقد النادي ومدربه الهولندي أرنه سلوت لإبقائه على مقاعد البدلاء لثلاث مباريات متتالية.

ونتيجة هذا التصريح، قرر ليفربول استبعاد النجم المصري عن مباراة منتصف الأسبوع التي فاز بها على أرض إنتر الإيطالي 1 0 في دوري أبطال أوروبا.

في المجمع الرياضي، يتوافد الشباب، ليس فقط من نجريج بل من القرى المجاورة أيضا، بأعداد غفيرة منجذبين جميعا إلى أجواء الملعب حيث سجّل أسطورة ليفربول أهدافه الأولى.

يقول محمد أحمد، ابن الـ16 عاما الذي يأتي إلى الملعب أربع مرات أسبوعيا، والابتسامة على محياه "بفضله، أستطيع أن أحلم"، مضيفا قبل أن يخطو على أرض الملعب المبتلة "أنا سعيد جدا باللعب هنا".

بالنسبة لمحمد وغيره، يُعدّ نجم المنتخب المصري البالغ 33 عاما مصدر إلهام ولم يؤثر تراجع مستواه هذا الموسم مع ليفربول على صورته.

يعتبر مسؤول الأمن رشدي جابر أن "صلاح قدوة للشباب. إنه شاب مجتهد ومثابر، بذل جهدا كبيرا للوصول إلى مكانته الحالية".

دعم مالي

غادر صلاح مسقط رأسه وهو في الرابعة عشرة من عمره لينضم إلى المقاولون العرب قبل أن يحل بعدها في أوروبا للدفاع عن ألوان بازل السويسري، تشلسي الإنكليزي، فيورنتينا وروما الإيطاليين، وصولا إلى ليفربول حيث حقق شهرته الحالية.

لكن ابتعاده عن نجريج لا يعني أنه نسي مسقط رأسه.

ويقول أحمد علي، والد الشاب محمد، إن المركز الشبابي الذي موّله صلاح هو "أكبر دليل على التزامه الخيري".

ويضيف العامل البالغ 45 عاما والذي يشارك ابنه شغفه بالمراوغة "لم يعد أطفالنا مضطرين للذهاب إلى قرى أخرى للعب كرة القدم".

كما تكفل صلاح الذي يسجد بعد كل هدف وسمّى ابنته مكة (حيث الكعبة المشرفة)، ببناء معهد ديني للبنين والبنات في نجريج في مبنى يتكون من خمسة طوابق بلغت تكلفته أكثر من 17 مليون جنيه مصري (حوالي 350 ألف دولار).

وفي كل شهر، توزع مؤسسته الخيرية 50 ألف جنيه استرليني (نحو 1100 دولار) على الأيتام والأرامل والمطلقات في القرية.

يقول مسؤول محلي اختار كنغمة لهاتفه الجوال أغنية تُشيد باللاعب، إن صلاح "مصدر فخر كبير" للبلدة، مفضلا عدم الكشف عن هويته، قبل أن يضيف "لقد ظل الشاب المهذب والمتواضع الذي عرفناه".

رغم ذلك يشعر ببعض الاستياء "للأسف، تم تضخيم الكثير من القصص" في ما يتعلق بالدعم المالي المقدم، مضيفا أنه كان يتوقع المزيد من اللاعب الفائزة بجائزة أفضل لاعب إفريقي مرتين والذي يتقاضى راتبا أسبوعيا قدره 400 ألف جنيه استرليني (حوالي 530 ألف دولار).

بعد أن نجح في تمديد عقده الضخم مع نادي ليفربول الموسم الماضي، في ختام مسلسل مليء بالتقلبات، أصبح محمد صلاح، وفق التقديرات، ثاني أعلى اللاعبين أجراً في الدوري الإنكليزي الممتاز خلف المهاجم النروجي لمانشستر سيتي إرلينغ هالاند (525 ألف جنيه استرليني، أي نحو 705 الاف دولار أسبوعياً).

"ايقونة للرياضة المصرية والعربية والإفريقية"

باستثناء المجمع الكروي "لم يقدم صلاح الكثير لقريته" وفق أحمد علي الذي يتقاضى 90 يورو (نحو 105 دولارات) شهريا من عمله في المصنع والذي لا يفهم سبب عدم استثمار نجم ليفربول بشكل أكبر في مجتمعه.

وتعاني نجريج التي يبلغ عدد سكانها 20 ألف نسمة والواقعة في محافظة الغربية على بُعد 120 كيلومترا شمال غرب القاهرة وتحيط بها حقول البصل والياسمين والأرز والقمح والذرة والفاصوليا، من نقص في البنية التحتية.

في صباح أحد أيام كانون الأول/ديسمبر، غمرت الأمطار شوارع نجريج المليئة بالحفر واضطرت الحافلة إلى إنزال اللاعبين عند مدخل مركز التمارين لإكمال الرحلة سيرا على الأقدام عبر الوحل، حاملين بأيديهم أحذيتهم.

الوضع صعب، إذ لا شيء يكبح جماح المياه المتدفقة وكل شيء زلق والتقدم للأمام أشبه باختبار للتوازن.

وفي الزقاق الضيق حيث نشأ محمد صلاح، لا يوجد سوى برميل قديم مُغطى بقميص ليفربول يحمل رقمه، يُشير إلى منزل العائلة المهجور الآن بجدرانه الحمراء.

مع أن الجميع يعرف اسمه، إلا أن قلة قابلته شخصيا لأنه "عندما يأتي، يكون ذلك ليلا حتى لا يصادفه أحد"، وفق أسماء، الطالبة الشابة التي فضّلت عدم ذكر اسم عائلتها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في رياضة