مع هذا التغيّر الهائل في الموقف الإسرائيلي، وظهور الأطماع اليهودية التاريخية على السطح، أصبح من الضروري القيام بشيء ما، لوقف هراء أو حلم «إسرائيل الكبرى»، الذي سبق أن روّجت له جهات، وآخرها تصريح الوزير سيموتريتش، الذي ذكر أن الضفة الغربية جزء من إسرائيل «بوعد إلهي»، وستتم مصادرة آلاف الدونمات، واستثمار المليارات لتوطين مليون يهودي في الضفة الغربية. ويأتي نتانياهو ليؤكد رسمياً أحلام إسرائيل التوسعية الخبيثة، وارتباط ذلك بضرورة احتلال المزيد من الأراضي، وأنه يجد نفسه «في مهمة مقدسة نيابة عن الشعب اليهودي»، وهي مهمة تاريخية وروحيّة مرتبطة برؤية إسرائيل الكبرى.
كالعادة، أدانت جامعة الدول العربية تصريحات نتانياهو، وعزمه اقتطاع أجزاء من أقاليم دول عربية، توطئةً لإقامة «إسرائيل الكبرى»، كما شارك الأمين العام لمجلس التعاون الجامعة إدانته الشديدة، واستنكاره لتصريحات نتانياهو، التي قال فيها إن مهمته أو حلمه يتعلق بالأجيال اليهودية، التي طالما حلمت بالمجيء إلى هنا، وأجيال غيرهم سيأتون من بعدهم. أما مصر والأردن، الدولتان المعنيتان أكثر من غيرهما بتهديدات نتانياهو، فقد اكتفيا بالتنديد، بأوهامه العبثية التي تعكسها تصريحاته، على الرغم من اتفاقيات السلام الموقعة بينهما وبين إسرائيل.
نعود إلى عنوان المقال، ونعيد شكر نتانياهو، الذي كفانا مؤنة الرد على كل الذين لم تنشف أقلامهم يوماً ولا أفواههم ساعة عن الإشادة برقي إسرائيل وجنوحها للسلام، وإننا عاجزون تماماً أمامها، وليس لنا غير الاستسلام والتطبيع معها، والاستفادة من تقدّمها في الكثير من الميادين، فجاءت تصريحات «النتن» لتشكّل صفعةً قويةً على وجوه هؤلاء المغيبين عن رؤية الحقيقة، أو المستفيدين من الترويج لسلام وهمي، والذين لم يتوقفوا يوماً، منذ سنوات، عن القول إنه لا أطماع لها في أيٍّ من أراضينا، حتى كانت، بنظرهم على خطأ، بسبب موقفها السلبي من التطبيع الغريب، الذي لن تجني منه أي دولة عربية.. شيئاً!
أحمد الصراف