إسرائيل، اليوم، لا تكتفي بحدودٍ رسمتها لها الحروب القديمة، بل بدأت بمد يدها لتغيير حدودها، وسلب مزيد من الحقوق، وتغيير كثير من المعادلات في منطقة الشرق الأوسط.
إسرائيل تعتزم المضي قدماً ببناء المستوطنات، التي تبتلع الأراضي العربية، سعياً وراء تحقيق مشروع «إسرائيل الكبرى»، التي كشف عنها نتانياهو قبل أيام، ونحن العرب اكتفينا فقط ببيانات الإدانة، واعتزام عقد المؤتمرات الطارئة، فيما نتطلع، نحن الشعوب، إلى صدور قرارات حاسمة، وإن كانت قد تكلّفنا أكثر مما نستطيع دفعه.
يا ترى هل نجرؤ، اليوم، على طرح سؤال جوهري، يتضمن أمنيات أكثر منها مجرّد سؤال، وملامح استغراب أو شبه استحالة الحصول على رد وجواب على هذا السؤال.
السؤال أو التساؤل: لماذا لا توقف بعض الدول العلاقات والتعاون مع الكيان الجاريين منذ سنوات، باختلاف أسلوب وشكل وعمق تطبيقهما، رداً على مشروعها الاستيطاني الجديد، وفكرة التمدّد التي لم تختفِ من عقلها يوماً؟
أعرف أن الجواب مؤلم، لأن هناك اتفاقات موقَّعة بناء على التزامات مختلفة، سياسية واقتصادية، تنسجم كلها مع مصالح الطرفين.
الحرب مع إسرائيل تحتاج إلى جبهة عربية موحدة، وهذا ما نفتقده حالياً للأسف، تحتاج إلى ميزان قوى يفرض الاحترام، وهذا ما تآكل في السنوات الأخيرة، بعد أن بهتت الجيوش العربية القوية، مثل الجيشين العراقي والسوري.
الحرب، اليوم، ليست قراراً عاطفياً، أو ردة فعل على صور القتلى من أطفال وأهل غزة، أو توسّع المستوطنات، إنما هي تحتاج إلى جبهة عربية موحدة، وإلى ميزان قوى يفرض الاحترام.
هل واقعنا العربي الحالي يميل إلى هذه الأمنيات، أم أن هذه الأمنيات قد تآكلت؟
السؤال المؤلم أكثر هو: هل نقف نحن الشعوب والدول العربية متفرجين على ما يحصل حالياً من مجازر ومذابح في غزة وتجويع لأهلها، من دون تحرّك عربي جماعي جاد؟
واقعياً، تجميد أي اتفاقيات تطبيع جديدة، مع موقف قوي وحازم، يمكن أن يعكسا ألم العالم العربي مما يحصل في غزة منذ عامين وأكثر، ويكونا تعبيراً جاداً وقوياً عن هذا الألم.
إسرائيل، اليوم، تعرف أننا لسنا جاهزين لها، ويبدو أننا لن نكون في المدى القصير، لكنها يمكن، أو قد تخاف على صورتها «ككيان أو دولة مقبولة» بنتها عبر مراحل من العلاقات مع بعض الدول العربية.
إقبال الأحمد