: آخر تحديث

الطَّرْق أسفل الجدران

3
3
3

جمال الكشكي

بمناسبة مرور 12 عاماً على اندلاعها، سألني دبلوماسي عربي: ماذا لو لم تحدث ثورة 30 يونيو عام 2013 في مصر؟، أجبته بسؤال: قل ماذا كان سيحدث في المنطقة والإقليم، وليس في مصر فقط؟،

ثورة «30 يونيو» لا تشبه ما نعرفه من ثورات في العالم القديم أو الحديث، فقد كانت أكبر جمعية عمومية عالمية، وصل عدد أعضائها أكثر من 35 مليون مواطن مصري.

إذا عدنا بالذاكرة، سنكتشف أن هذه الثورة انبثاق ذاتي ممتد من الحضارة القديمة إلى اللحظة الراهنة، وكانت صناعة مصرية. عندما تتجول في صفحات التاريخ، الثورة البريطانية والأمريكية والفرنسية، والثورة البلشفية، سنجدها جميعاً اندلعت بمخططات دولية.

وعلى نحو ما ظهر في ثورات الربيع الأسود 2011، فقد اندلعت بمخطط شامل، لا تزال آثاره إلى الآن، بينما 30 يونيو، صاغت أحداثها بنفسها، نابعة من هوية المصريين العميقة.

تدفقوا إلى الميادين دون اتفاق، والاتفاق الوحيد، هو استعادة الوطن من مخالب قراصنة الجماعات التي رعتها مراكز أبحاث غربية، وعلى رأسها المستشرق الأمريكي البريطاني «برنارد لويس» وجماعته.

يقول التاريخ دائماً، إن الثورات حين تندلع، لا تبقي من أثر الماضي أي شيء، ولا يمكن استعادته. وحسبما قرأنا في سجلات الثورات المشار إليها، نجدها غيّرت بنية المجتمعات، والهياكل المؤسسية للدول التي وقعت فيها، بما فيها أحداث الربيع العربي في المنطقة العربية.

وكانوا في الميادين بضراوة في ثورة 1919، ضد الاستعمار البريطاني، حتى إن غضب الطلاب في الجامعات، كان يخرج فقط من أجل أن نسارع في القتال وتحرير سيناء، وهو الذي جرى بالفعل في حرب أكتوبر 1973.

إن «30 يونيو» فريدة بين الثورات، حيث استعادت العمود الفقري لأمة النيل، وحفظت خرائط الإقليم من التمزق بفعل الجماعات الإرهابية، ولا تزال هي النموذج الذي يدعو إلى تأكيد الدولة الوطنية بمؤسساتها الحيوية، وترفض ثقافة الميليشيات والجماعات التي تنوب عن الدولة نفسها، أو تحاول فعل ذلك.

إن الطريق إلى 30 يونيو كان شاقاً وعسيراً، ومحتشداً بالتنظيمات الإرهابية، والحواجز العابرة للحدود، فقد كانت الإرادة صلدة، وتشبه اللعبة الصفرية مع تنظيمات وأجهزة استخباراتية عابرة للقارات.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد