: آخر تحديث

ما لم يحققه ترامب!

10
8
7

عماد الدين حسين

في 20 يناير الماضي تولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه رئيساً للبلاد، أو بعبارة أخرى عاد للبيت الأبيض للمرة الثانية، بعد أن أمضى فترة رئاسية أولى من 2016 إلى 2020.

ترامب، وخلال حملته الانتخابية ضد جو بايدن ثم كامالا هاريس، أطلق مئات الوعود الانتخابية في جميع المجالات تقريباً.

والسؤال البديهي هو: ما الذي أنجزه ترامب على أرض الواقع، وما الذي أخفق فيه؟

البعض قد يتساءل: وهل تكفى هذه الفترة القليلة لتقييم ترامب والحكم عليه؟

والإجابة ببساطة أنه جرى العرف في العديد من البلدان الديمقراطية خصوصاً الكبرى أن تجري تقييماً للمائة يوم الأولى في حكم الرئيس أو المسؤول.

واليوم نحن بصدد نحو 140 يوماً على بدء فترة ترامب الرئاسية الثانية، وهى فترة قد لا تكون كافية جداً، لكنها على الأقل تعطى مؤشرات، خصوصاً أن ترامب، وفى يومه الأول، أصدر عشرات الأوامر التنفيذية، كان قد وعد بها، وقد أنجزها بالفعل من قبيل الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، والانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، والعودة للتنقيب عن النفط والغاز في مناطق كان محظوراً التنقيب فيها، وكذلك التهديد بالانسحاب من حلف الناتو.وإذا كان أنصار ترامب يؤيدون هذه الانسحابات من منظمات عالمية كثيرة فإن هناك اتجاهاً آخر داخل الولايات المتحدة يرى أن القوة الناعمة الأمريكية وقيادتها للعالم تتطلب الوجود في هذه المنظمات.

أحد أهم الوعود لترامب كانت فرض رسوم جمركية متباينة على أغلبية دول العالم، التي تتعامل مع الولايات المتحدة بنسب تبدأ من 10%، وتصل إلى 245% كما حدث مع الصين، لكن ترامب اضطر للتراجع وأجل تطبيق هذه الخطوة الخطيرة تسعين يوماً، بعد أن اكتشف أن الاقتصاد الأمريكي سوف يدفع ثمناً كبيراً لهذه الخطوة خصوصاً سوق السندات، وكذلك ارتفاع أسعار السلع، مما سيجعل المواطن الأمريكي هو الذي سيدفع ثمن هذه الخطوة، علماً بأن ترامب كان قد وعد هذا الناخب بأنه سيجعل «أمريكا عظيمة مرة أخرى».

ترامب أجّل القرار على أرض الواقع، ودخل في تحدٍ كبير مع الصين، لكن الأخيرة ردت عليه بالمثل، وبدأ الجانبان مفاوضات للوصول إلى حل وسط.

ظني أن ترامب سيحقق بعض المكاسب في هذه الخطوة التصعيدية، لكن ذلك لن يكون ضخماً كما تم الترويج له.

ترامب وعد بتحقيق السلام ووقف الحروب في كل مكان خصوصاً غزة وأوكرانيا، لكنه لم ينفذ وعده حتى الآن، بل إنه قال قبل أيام عن الأزمة الأوكرانية «ليست مشكلتنا»، ونعلم أيضاً أنه لم يوقف عدوان إسرائيل على قطاع غزة، بل أطلق يد بنيامين نتنياهو وجيشه لهدم القطاع على رؤوس ساكنيه، وجعله غير صالح للحياة، ما يسهل عملية تهجير سكانه.

وقبل أيام أيضاً فرض ترامب رسوماً جمركية بمعدل 25% على كل أجهزة الهواتف غير المصنعة في الولايات المتحدة خصوصاً «الآيفون»، وكل التوقعات تقول إن محاولات إعادة تصنيع هذه الأجهزة، وبقية الأجهزة الإلكترونية في أمريكا فوراً صعبة جداً إن لم تكن مستحيلة، وتحتاج إلى وقت وجهد ومال وعمالة مؤهلة ومواد خام وسلاسل إمدادات، وكل ذلك سيدفع ثمنه المستهلك الأمريكي. وعد ترامب بضم بنما، ولم ينفذ، وطلب أن تمر سفن بلاده من القناة مجاناً، ولا نعرف هل حقق هدفه أم لا، وحاول أن يفعل نفس الشيء مع قناة السويس، ولم يحقق هدفه.

وعد ترامب وسعى لضم جزيرة غرينلاند، ولم ينجح لرفض أغلبية سكان المدينة ذلك، وكذلك لرفض السلطات في كوبنهاغن.

هدد ترامب دول حلف شمال الأطلنطي بضرورة رفع نسبة مساهمتها في ميزانيات الدفاع إلى 5% من الناتج المحلى الإجمالي لكل دولة، وهو أمر يبدو حتى الآن شديد الصعوبة لأغلبية دول الحلف، التي تعانى من مشاكل وأزمات اقتصادية خانقة، بما فيها ألمانيا أغنى دولة في الحلف، وفي الاتحاد الأوروبي.

في تقديري الشخصي أن ترامب يجيد تقديم الوعود والإغراءات، بما يجعل عدداً كبيراً من الأمريكيين يصدقونه، وهؤلاء هم الذين انتخبوه بأغلبية مريحة في الانتخابات الأخيرة، كما أن ترامب يجيد تسويق أشياء عادية جداً، وتقديمها للناس باعتبارها معجزات، لا يمكن لأحد أن يحققها.

ومثل هذا النوع من السياسات قد يحقق نجاحات وقتية، ويعطي ترامب نقاطاً أعلى في استطلاعات الرأي الدورية، لكن المؤكد أنه وبعد وقت محدد فإنه لا يمكن استمرار خداع جميع الأمريكيين، فإما أن ينجح ترامب في تحقيق ما وعد به الأمريكيين خصوصاً في الاقتصاد، وإما أن يكتشف هؤلاء الأمريكيون أن الرئيس كان متميزاً جداً في الدعاية فقط، لكن ظني الشخصي أن فرص تحقيق ترامب لوعوده الكبرى لا تتجاوز الـ50%.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد