س: نكفل أيتامًا وأرامل... بعد وقف العمل الخيري كيف نرسل الأموال إليهم؟!
س: نحن نبعث ثمن الأضاحي وتُذبح في أفريقيا وغزة.. بعد منع العمل الخيري كيف نرسلها؟!
س: حلقات القرآن مُنعت من المساجد... أطفالنا كيف نحفظهم؟!
ويعلق في نهاية التغريدة قائلاً: لا أعرف كيف أجيب، ولو سألتم من تسبب بهذا، فهل يأثم؟! (هكذا؟!)
* * *
للوهلة الأولى تبدو الأسئلة منطقية وإنسانية ومستحقة، ولكن، كما يقال في المثل الإنكليزي، فإن الشيطان يكمن في التفاصيل، وبالتالي يتطلب الأمر الرد بوضوح وهدوء على هذه الأسئلة كي لا تمر دون جواب وتوضيح وتفسير.
نتفق مع هذه الأسئلة ونشارك في طرحها، ونبتعد عن موضوع الإثم، الذي قد يلحق بجميع من رأى المنكر أمامه، وسكت عنه «عمداً»، وكما يقال: الساكت عن الحق شيطان أخرس. فأين كان معظم المنتمين للأحزاب الدينية من حجم المخالفات الهائلة التي ارتُكبت، في مجال العمل الخيري، على مدى أكثر من نصف قرن على الأقل، وكان وراء غالبيتها «القائمون عليها»؟
لماذا رأى الكثيرون الأحكام تصدر بحق بعض سُرّاق أموال الجمعيات الخيرية، التي تُعتبر مالاً عاماً، تُحرّم القوانين والمنطق والإنسانية سرقتَه؟ ولم يصدر عن أي منهم إدانة لهؤلاء؟
لماذا لم يقم الكثير من العاملين في العمل الدعوي والديني بكتابة نصف تغريدة تدين هؤلاء أو تعترض على الإثراء غير المشروع الصارخ الذي كان يُرتكب أمامهم؟
لماذا لم تقم معظم الأحزاب الدينية بالسعي لإقصاء هؤلاء من عضوية الحزب، وفضحهم، بعد ثبات إدانتهم؟
لماذا استمر سكوتهم كل هذا الوقت، ولم يتبرع أحد منهم بالرد بكلمة على عشرات المقالات التي سَطِّرت فيها الكثير عن مخالفات بعض الجمعيات الخيرية، خاصة في مشاريعها الخيرية في الخارج، التي كانت في غالبيتها كذبة كبرى انطلت على آلاف المتبرعين الأبرياء الذين لم يدرك غالبيتهم أن معظم تبرعاتهم لم تكن تصل إلا لجيوب غالبية من كانوا من «القائمين عليها»!!
لقد تجاوز فساد بعض الجمعيات الخيرية حدًا لم يكن من الممكن استمرار السكوت عنه، وكان لزامًا على الحكومة وقف كامل النشاط الخيري، وإعادة النظر في الوضع الفاسد برمته. فقد كان هذا النشاط الخيري، خاصة خارج الدولة، يتم دون أدنى رقابة من أيّة جهة كانت، وكل من يدعي عكس ذلك فهو واهم «أو مخطئ». ففي شهر رمضان المنصرم استطاعت الجمعيات جمع تبرعات تقارب 70 مليون دينار، بحجة تمويل 320 مشروعًا في 75 بلدًا، ولم يقم أحد من الأحزاب الدينية بالتساؤل عمَّن سيراقب طريقة صرف هذه الأموال الضخمة في 75 بلداً؟
من يُؤثَّم، هو من سكت عن الإثم، طويلاً، وطويلاً جداً، وليس من أوقف السرقات وقرر تعديل المسار، فله ألف تحية وشكر وتقدير.
أما عن موضوع حفظ القرآن فهو بخير ولم يتأثر يوماً عندما لم تكن هناك جمعيات خيرية، فلِمَ أصبحت مسألة الحفظ فجأة في خطر؟ علماً بأن الإيقاف مؤقت، والتباكي عليه غير مبرر!
أحمد الصراف