: آخر تحديث

السودان إذا ما انتصر!

5
5
5

خالد بن حمد المالك

التطورات الميدانية في السودان لا تترك فرصة للدعم السريع لمواجهة الجيش الشرعي، فقد ظهرت ميليشياته أضعف من أن تتمسك بما كان تحت سيطرتها من المواقع الإستراتيجية الهامة التي كانت تثير المخاوف لدى السودانيين من أن يخسر الجيش المعركة في ظل الدعم الخارجي لميليشيات الدعم السريع.

* *

وجاء ميثاق نيروبي لتشكيل حكومة موازية للحكومة الشرعية ضمن الدعم الخارجي لإبقاء الدعم السريع كقوة تهدِّد الجيش والحكومة، والتلويح بأن السودان مقبل على تفتت وحدته، ضمن مخطط يقود إلى استمرار الحرب، وصولاً إلى التقسيم المنتظر.

* *

لكن خسارة الدعم السريع لمواقعه في الخرطوم بدءاً بالقصر الجمهوري، والوزارات، ومقر البنك المركزي، ومقر جهاز الأمن والمخابرات، والمتحف القومي، وعدد من الجامعات، وحتى منزل قائد الدعم السريع محمد حميدتي، ومطاردة ما تبقى من قواته في جنوب الخرطوم بعد السيطرة على وسطها، أفشل أي انتصار له، أو قدرة على المناورة، وأي تأثير لدعمه بتشكيل الحكومة الموازية بالمنفى.

* *

لقد مضى عامان من الحرب، أكلت الأخضر واليابس، وأفضت إلى ما نراه من قتلى بالآلاف، وتهجير بالملايين، وهدم للمباني الخاصة والعامة، وتفشي الأمراض والجوع وعدم الاستقرار، وإعطاء فرصة لأعداء السودان، كي يتدخلوا بشؤونه، ويدعموا استمرار هذه الحرب، بما لا يخدم استقرار الشعب السوداني الشقيق.

* *

انتهت سيطرة الدعم السريع أو تكاد على مفاصل الحياة في العاصمة السودانية بعد أن وسَّع الجيش سيطرته على كل المواقع الإستراتيجية في الخرطوم تقريباً، ولم يبق أمام الدعم السريع إلا الفرار إلى خارج العاصمة لإثبات حضوره ولو لبعض الوقت الذي برأينا أنه لن يطول، في ظل التطورات الميدانية التي يحقق فيها الجيش هذه الانتصارات المتسارعة.

* *

في الأيام القريبة القادمة سيكون الدعم السريع مجبراً على أخذ مواقع له في إقليم دارفور بعد اضطراره إلى الانسحاب من الخرطوم بعد التطورات الميدانية التي أعطت التفوق العسكري للجيش بعد عامين من سيطرة قوات الدعم السريع على المرافق الإستراتيجية في العاصمة السودانية، مستفيداً من أنه قبل الحرب كان مسؤولاً عن حراستها، فبقيت تحت سيطرته إلى أن خسرها خلال أيام محدودة.

* *

لكن إذا ما تم هذا الانسحاب من قبل قوات الدعم السريع إلى معقله في ولاية دارفور، وتم بشكل غير منظم، فإن قدرة الجيش المنتشي بانتصاراته في الخرطوم سوف تلاحقه، ولن تسمح له بتنظيم صفوفه، وقد يخسر مواقعه هناك أيضاً كما خسرها في العاصمة السودانية، لكنه سيبقى في مناوشات مع الجيش هنا وهناك للتأكيد على عدم هزيمته.

* *

ما نود قوله في ظل هذه التطورات، وهو ما سبق أن أكدنا عليه في مقالات سابقة، أن الوضع الاقتصادي والسياسي في السودان لا يسمح بمثل هذه الحرب، وأن شل الحركة الاقتصادية، وجعل البلاد في حالة من عدم الاستقرار، والتوجه إلى الحرب بديلاً عن السلام الذي يتحقق من خلال الحوار والتفاهمات، لا يخدم السودان، بل إنه يزيد من معاناة الشعب، ويطلق الفرصة الواحدة تلو الأخرى للتدخل الأجنبي، وجعل السودان مهدداً بحروب أهلية، وربما بتحويله إلى مجموعة دول متنازعة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد