عبد الله سليمان الطليان
نمر في مرحلة هي عميقة في تجسيد إبراز الشخصية على نحو بعيد عن البرجماتية الحقيقية المؤثرة في الواقع، تقوم هذه الشخصية أحيانا وفق تراكم تراثي ضعيف أقرب إلى الحكايات الشعبية الخرافية، معتمد على العاطفة الجياشة القوية التي هي غارقة في الانتماء القبلي أو العائلي أو الصحبة المتأصلة، تجد بوقا يسوق لها في حدث أو موقف في كل دائرة حوار، يكون المحتوى أحيانا ذا بلاغة لغوية قوية تشد الانتباه، الذي يتصدر الحوار أو الطرح ينطبق عليه قول الله تعالى: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ}، هذا وصف الشعراء، أنهم تخالف أقوالهم أفعالهم، فإذا سمعت الشاعر يتغزل بالغزل الرقيق، قلت: هذا أشد الناس غراما، وقلبه فارغ من ذاك، وإذا سمعته يمدح أو يذم، قلت: هذا صدق، وهو كذب، وتارة يتمدح بأفعال لم يفعلها، وتروك لم يتركها، وكرم لم يحم حول ساحته، وشجاعة يعلو بها على الفرسان، وتراه أجبن من كل جبان، وإن كان هذا ينطبق على الشعراء الذين يسطرون كلمات بليغة هي غلاف جذاب لجوف فارغ عن حقيقة الشخصية، ولكنه يشمل أيضا أصحاب من يسرد الحكايات التي تنحى إلى الخيال المفرط الذي يثير السخرية والتهكم أحيانا.
ولقد اسهمت قنوات التواصل الاجتماعي في زيادة هذا الخيال المعيب وصارت تقوم بالتشخيص الوثني لأصاحب التراث مماثل للتشخيص لما يطلق عليه (مشاهير التافهة) الذين يجدون أبواقا لهم من منتفعين منهم يثرثرون في المجالس واللقاءات عنهم، لزيادة المتابعة التي تنطلي حيلته على البعض، وأرجو أن لا تكون منهم.