: آخر تحديث

عبدالله زامل الدريس.. القيادي الصحي و «الشوري» المبارك

3
2
3

عبده الأسمري

ما بين متون الأثر وشؤون المآثر سطع اسمه في مدارات «التأثير»، مجللاً بأسبقية «الأدوار» ومكللاً بأحقية «الاعتبار» في سيرة مضيئة بسمو الأخلاق ورقي التعامل، ومسيرة حافلة ببصمات «المهنية» وومضات «الوطنية».

رسخ أصول «المعاني» وفصول «التفاني» في مختبرات «الدم» فكان «الممارس» الموشح بالإنجاز و»الفارس» المتوج بالاعتزاز والمدير «الفني» الذي وزع الخطط وحصد النجاح، وظل «الموجه» المهني الذي وظف التنفيذ وأهدى النجاحات للكل مفضلاً الانطلاق من بصائر «التوجيه» والمكوث في دوائر «التواضع» والتهنئة عند مصائر «التفوق».

أجاد العمل بروح «الوطني» النزيه وسخر التميز ببوح «الزميل» الأثير، وتردد اسمه بأصداء «فريدة» في اتجاهات اللباقة والصداقة، فكان مكانه «فارغاً» لا يسده سوى حضوره الزاهي الذي يؤنس ذاكرة مجتمعه بذكريات عصية على «النسيان»، ومواقف راسخة للإنسان الذي كان يسكنه بعمق ويوظفه ببذخ.

إنه وكيل وزارة الصحة للمختبرات وبنوك الدم ورئيس لجنة الشؤون الصحية بمجلس الشورى ورئيس الهيئة العربية لخدمات نقل الدم بجامعة الدول العربية سابقاً، الأستاذ عبدالله بن زامل الدريس - رحمه الله - أحد أبرز قيادات الوطن ورجال التنمية.

بوجه نجدي ندي تسكنه «إنسانية» عميقة وتؤطره «مهنية» متعمقة وملامح باهية تتشابه مع والديه وتتكامل مع أسرته الشهيرة بالعلوم والمعارف، وعينان تلمعان حين «الإنصات» وتسطعان حيث «الإثبات»، وتقاسيم مألوفة يشع منها «الود» ويسطع فيها «الجد»، وأناقة تعمر الهندام السعودي الفريد ومحيا عامر بالنبل وشخصية ودودة جميلة التواصل أصيلة التعامل لطيفة الجانب أنيقة الوصال، وصوت ذو لكنة «نجدية» في مجالس العائلة والأصدقاء ولغة «ندية» في مواقع الشور والقرار، ولغة فصيحة تنبع من «مخزون» مهني وتتجلى من مكنون «معرفي، ومسيرة فريدة تنوعت ما بين البر والإحسان والفضل والمروءة والعون.

قضى الدريس من عمره «عقوداً» وهو يملأ بنوك ومختبرات «الدم» برصيد القرارات والمنجزات، ويبهج خطط الصحة بمديد الفوائد والعوائد ويمنح المحيطين به إهداءات الود والتراحم والإيثار، ويضيف للقطاعات المتخصصة عطايا التخصص وهدايا الاختصاص، خبيراً ومسؤولاً وقيادياً وإنساناً ترك اسمه في «قوائم» المبدعين وأبقى أثره في «مقامات» المؤثرين بالعلم والعمل والقرار والاقتدار.

في بلدة «حرمة» عروس محافظة المجمعة الدرة المضيئة في ربوع «نجد» العذية ولد الدريس في نهار توسم بالفرح الذي ملأ أرجاء بلدته بأهازيج البهجة وأريج البركة، وتفتحت عيناه على «أب» وجيه كريم يمتهن «التجارة» وأم رؤوم حنونة اشتهرت بالحسنى، فنشأ بين قطبين فريدين ملآ قلبه بموجبات «النصح» وعزائم «التربية».

تسربت إلى وجدان «الطفل» الصغير حكايات «الكبار» من عشيرته التي ترددت في أسماعه وتمددت في آفاقه فظل يحفظها في ذاكرته «الغضة» ليؤنس ليل والديه بأمنيات «النبوغ» الباكر التي كان ينهيها بقبلات البر على وجنتيهما كل مساء، ثم يكتب على كشكوله «الملون» الآمال المعلقة على بوابات «الغد «التي مضى يوزعها كحديث «بريء» أمام أعين الحاضرين في مجلس والده المكتظ بالعقلاء والنبلاء الذين توقعوا له «الشأن» وفق بصائرهم المحلقة في أفق التوقع.

أتم الدريس دراسته الأولى في قريته حتى الصف الثاني الابتدائي ثم قررت أسرته الانتقال إلى «العاصمة» الرياض التي التقى فيها بالأحباب والأقارب وأبناء عمته الفاضلة الذين سجلوا معه بريقاً وثيقاً من الذكريات في نهارات العاصمة الحالمة المكتظة بأنفاس الطيبين ونفائس الأجيال التي روت معين الذكرى بحكايات الوفاء ومرويات الاستيفاء التي استعمرت ذاكرة «الزمن الجميل».

ركض الدريس مع أقرانه ما بين شارعي الوزير والخزان وحي الظهيرة الشهير مطلقاً ساقيه لمسافات كانت تنتهي في بيوت الجيران أصحاب «البيوت» المفتوحة تحت مسلمات «الجيرة والقرابة والشهامة»، وظل شغوفاً بكرة القدم وعطوفاُ بأبناء حارته منهياً مساءاته بقفشات «طفولية» ظلت حديث رفقاء دربه وأبناء جيله.

أنهى الدريس تعليمه العام بتميز ثم التحق بجامعة الملك سعود وحصل منها على درجة البكالوريوس في علم «الأحياء»، ثم كان من النخبة الأولى الذين عملوا في مختبر الدم المركزي وتعين فيها لمدة عام ثم تم ابتعاثه إلى «بريطانيا» على مدى عامين للتدريب في مجال الهرمونات، وعاد والتحق بوزارة الصحة وتنقل فيها عبر عدة مواقع وظيفية وتدرج في «الترقيات» حتى ترقى إلى المرتبة الخامسة عشرة على منصب «وكيل وزارة الصحة للمختبرات وبنوك الدم»، وتم تعيينه كعضو في مجلس الشورى في الدورة الخامسة ونائباً لرئيس اللجنة الصحية ثم رئيساً للجنة، ونائب رئيس لجنة الصداقة البرلمانية لدول روسيا وإيران وجورجيا وأوكرانيا وغيرها.. تم ترشيحه على وظيفة مدير عام الهيئة العربية لنقل الدم التابعة لإدارة الصحة والبيئية بجامعة الدول العربية لدورتين ثم استمر بعدها مستشاراً في الهيئة، وله عضويات متعددة في عدة قطاعات وهيئات في الداخل والخارج وأعمال متنوعة في مجالات اجتماعية ووطنية مختلفة.

عاصر الدريس ستة من وزراء الصحة وكانت له أعماله المميزة خلال تلك العقود من العمل، وقد بذل مجهودات مباركة وكبيرة في مشروع فحص المقبلين على الزواج وكانت له بصمته في تسريع إنجاز المشروع رغم قصر مدة الإقرار، ودقة العمل والمهام الكثيفة التي قام بها ووجه من خلالها فرق العمل بإنجاز المشروع على مستوى المملكة بشكل مميز وفريد ومبتكر، إضافة إلى العديد من الدراسات التي قام بها مع فرق عمل مختلفة حول الأمراض الوبائية والمعدية وغيرها.

عُرف عن الدريس التزامه الشديد بأداء العمل وتمكنه من التطوير والابتكار والتجديد الذي انعكس بمنجزات فريدة على قطاع «مختبرات الدم» بوزارة الصحة، مع جهوده المميزة خلال عمله في مجلس الشورى التي كانت بمثابة تميزاً على خارطة العمل الشورى نظير توصياته وأعماله في اللجنة الصحية وما قدمه من عطاءات» وطنية مميزة ظلت ناطقة في صفحات المجلس وأبعاد التاريخ.

انتقل الدريس إلى رحمة الله يوم الاثنين 15جمادى الآخرة 1446 الموافق 16 ديسمبر 2024م بعد مرض ألم به، وتناقلت وسائل الإعلام ووسائط التقنية الخبر مقترناً بمناصبه ومرتبطاً بقامته وامتلأت منصات التواصل الاجتماعي والصحف الكبرى بعبارات ومقالات رثاء ونعي من أقاربه وأصدقائه وزملائه الذين وصفوا رحيله بالفقد العظيم والوجع الصادم.. وقد نعاه الكثير من قيادات ومسؤولي الدولة، واكتظت منصة «تويتر» بالكثير من تغريدات العزاء والرثاء من شخصيات مختلفة أجمعت على صفاته الحسنة وسماته الرائعة ومكانته الرفيعة على المستويين الشخصي والعملي.

ذاكرة مشرقة ارتبطت بأعمال وأفعال وأقوال الدريس في عناوين عريضة تكاملت في وقائع «الشهود» وتماثلت في حقائق «الاستشهاد» قوامها الذكر المستوجب ومقامها الشكر الواجب من خلال المعروف الذي قدمه والعرفان الذي يستحقه.

عبدالله زامل الدريس.. القيادي البارز والإنسان المؤثر والوطني الشامخ والشوري البارز، صاحب الإضاءات المهنية والإمضاءات الإنسانية في شواهد العطاء التنموي ومشاهد السخاء الاجتماعي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.