حمود أبو طالب
في مسيرة التشريعات والقوانين والأنظمة التي بدأت الدولة في إيجادها أو تحديثها صدر مؤخراً النظام الجديد لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد الذي أعطاها مساحة واسعة من التحرك وصلاحيات أكبر بحيث أصبح لرئيس الهيئة ما للنائب العام، وأصبح لوحدة التحقيق والادعاء الجنائي ما للنيابة العامة من الصلاحيات المنصوص عليها في نظام الإجراءات الجزائية، وذلك ما سيمنحها قوة لمحاصرة كل أشكال الفساد والتعدي على المال العام وإساءة استغلال السلطة، ونعرف جميعاً ما تم اكتشافه وضبطه في هذا الشأن منذ إطلاق سمو ولي العهد لعبارته الشهيرة «لن ينجو فاسد، كائناً من كان».
ثقافة الفساد الممنهج والمؤسسي شبه العلني كانت سائدة في الماضي بشكل مخجل لأي مواطن شريف يؤلمه نهب المال العام وممارسة الرشاوى والتسهيلات ونفوذ السلطة للإثراء غير المشروع. شعار «مال الدولة حلال» كان مرفوعاً بشكل رمزي وباتفاق ضمني بين الفاسدين وكأنه أمر طبيعي، والموظف العام الذي يمثل راتبه المتواضع مصدر دخله الوحيد، ثم تظهر عليه علامات الثراء فجأة، يفسر ذلك بقوله «هذا من فضل ربي» علماً بأن رائحة فساده تزكم الأنوف، وتمضي الحياة بشكل طبيعي ويتعايش الناس مع ثقافة الفساد غصباً عنهم.
هذا لم يعد وارداً منذ انطلاق مشروع مكافحة الفساد بحزم وجدية وصرامة، إعلانات هيئة الرقابة ومكافحة الفساد عن ضبطياتها من جرائم الفساد وأسماء من ارتكبوها أصبحت معلنة بشكل متكرر، ولا استثناء لأي جهة أو أي أحد، وبصدور النظام الجديد سوف يكون الوضع أقوى وأشد على الفاسدين.
الفساد هو أسوأ آفة لأي دولة ومجتمع، وهذا ما قررت المملكة عدم التسامح معه أبداً، ومواجهته بكل قوة وحزم، وهو ليس قضية هيئة مكافحة الفساد فقط، بل قضية كل مواطن حقيقي يحب وطنه.