التعلّق العاطفي هو جانب أساسي في العلاقات الإنسانية، سواء كانت عائلية، رومانسية، أو حتى صداقات، ويمثل الرابطة النفسية والعاطفية التي تنشأ بين الأشخاص، وهو حالة تتميز برغبة شديدة في الارتباط والاتصال العاطفي بالآخرين، وقد تكون هناك عدة أسباب وعوامل وظروف تؤدي إلى حدوثه، ومن بينها الحاجة العاطفية؛ فالإنسان من الطبيعة يحتاج إلى الحب والرعاية والاتصال العاطفي، وعندما يفتقر إلى هذه الحاجة العاطفية، فقد يميل إلى التعلق العاطفي في محاولة لتلبية تلك الحاجة.
وعندما يشعر الفرد بالوحدة والعزلة فإنه يمكن أن يسعى للتعلق العاطفي لإحساس بالانتماء والاستقرار العاطفي، وقد يكون الشخص يعاني من فقدان أو فراق أو يعيش في بيئة اجتماعية غير داعمة، وتؤثر الخبرات السابقة في حياة الفرد على نمطه العاطفي، وإذا تعرض لتجارب سلبية في العلاقات السابقة يكون لديه رغبة قوية في العثور على علاقات صحية ومليئة بالتواصل والتعاطف، ويعتبر الشعور بالثقة والأمان أحد العوامل الرئيسة التي تؤدي إلى التعلق العاطفي، فعندما يشعر الشخص بالثقة في الآخرين وبالأمان في العلاقات، فإنه يميل إلى تطوير روابط عاطفية أقوى.
بعض السمات الشخصية تؤثر على قدرة الفرد على التعلق العاطفي، فالأشخاص الذين يعانون من انخفاض في تقدير الذات أو الذين يشعرون بالقلق الشديد قد يكونون أكثر عرضة للتعلق العاطفي، وتؤثر الظروف الاجتماعية والثقافية في تشكيل نمط التعلق العاطفي، في بعض الثقافات يعتبر التعلق العاطفي والاتصال العاطفي قيمة مرموقة ومطلوبة، بينما في ثقافات أخرى قد تكون هناك توجهات مختلفة تجاه الارتباط العاطفي.
يوفر التعلّق العاطفي إحساسًا بالأمان والاستقرار، حيث يشعر الأفراد بأن لديهم شخصًا يمكنهم الاعتماد عليه في الأوقات الصعبة، ويعزز الثقة بين الأفراد، مما يساعد في بناء علاقات صحية ومتينة، والأشخاص المرتبطون عاطفيًا يميلون إلى تحفيز بعضهم البعض لتحقيق الأهداف الشخصية والمهنية، ويعزز الروابط الاجتماعية ويساهم في تحسين التفاعل الاجتماعي والتواصل، والعلاقات العاطفية الداعمة تقلل من مستويات التوتر والقلق، وتسهم في تحسين الصحة النفسية العامة.
يمكن أن يؤدي التعلّق العاطفي المفرط إلى الاعتماد الزائد على الآخرين، مما يضعف الاستقلالية الشخصية، قد ينتج عن التعلّق العاطفي القوي خوف شديد من فقدان الشخص المرتبط به، مما يسبب توترًا وضغطًا نفسيًا، ويمكن أن يؤدي إلى مشاعر الغيرة والتملك، مما يؤثر سلبًا على العلاقة، وقد يدفع إلى التضحية براحتهم واحتياجاتهم الشخصية من أجل الحفاظ على العلاقة، والتعلّق العاطفي العميق يمكن أن يجعل عملية الانفصال أو الانفصال العاطفي صعبة ومؤلمة.
هناك بعض العلامات التي تشير إلى أن التعلق العاطفي قد يصبح مشكلة وبحاجة إلى معالجة، كاعتماد الشخص بشكل مفرط على الآخرين للراحة العاطفية والدعم النفسي، وعدم القدرة على التعامل بشكل مستقل مع التحديات العاطفية، والشعور بالقلق الشديد والاضطراب عندما يبتعد الآخرون عن الشخص أو يقللون من اهتمامهم به، والشعور بالرهاب من الفقدان، والتضحية الشخصية المفرطة من أجل الآخرين، والعلاقات غير الصحية والتي قد تكون غير متوازنة، والشعور بالانتماء الزائد إلى الآخرين والانفصال العاطفي الصعب عنهم، بحيث يصبح من الصعب على الشخص بناء حياته الشخصية المستقلة.
التعلّق هو رغبة الروح في البقاء مع ما يحبه، وهو مشاعرنا العاطفية المرتبطة بالأشخاص والأماكن والأشياء التي نعتبرها جزءًا من حياتنا، وهو الرغبة في الحماية والراحة والأمان التي نشعر بها عندما نكون مع الأشخاص الذين نثق بهم، فنحن نحتاج إلى الروابط العاطفية لنشعر بالارتياح والسعادة، وهو الشعور بالحب والرغبة في امتلاك الآخر وأن تكون جزءًا من حياته، وهو الشعور بالحاجة الملحة لشخص ما وعدم القدرة على التفكير في الحياة بدونه، وهو عملية التواصل العاطفي والروحي مع الآخرين والشعور بالترابط والانتماء، وهو قوة عظيمة يمكن أن تجعلنا نشعر بالسعادة والألم في نفس الوقت.. يقول (بريني براون): التعلّق هو الرغبة العميقة في الانتماء والاتصال والاستقرار العاطفي.